(1)
أغنية سوف يأتي التي تغنى بها محمد الأمين كتبها تاج السر كنه وأهداها للفنان الشاعر عبد الكريم الكابلي ولكنه أهمل القصيدة ومرت السنوات والتقى الشاعر مع الفنان محمد الأمين في لندن سنة 1968 وأعطاه القصيدة واحتفظ بها الفنان محمد الأمين ثم لحنها وغناها وقدمها لأول مرة بحفل كبير بقاعة الصداقة في العام 1983، ويرجع محمد الأمين السبب في تأخيرها لعدم وجود فرقة موسيقية تستطيع أن تنفذ الأفكار اللحنية الجديدة في الأغنية وانتظر لما يقارب الـ15 عاماً ليقدم الأغنية رفقة بعض خريجي وطلاب كلية الموسيقى أمثال الفاتح حسين ــ سعد الدين الطيب ــ ميرغني الزين وعثمان النو.
(2)
رغم أن الأغنية حققت نجاحاً كبيراً وأصبحت من أيقونات الغناء السوداني ولكن هجرة شاعرها الطويلة بمدينة لندن غيب الكثير من سيرته الذاتية ، والشاعر الملقب (بالشاب الظريف) واسمه بالكامل (تاج السر محمد إدريس كنه) ولد في عام 1938 بقرية مراغة شمال مدينة دنقلا.. أنهى الشاعر تاج السر كنه دراسته الثانوية سنة 1956 وبعد ذلك التحق بكلية الطب جامعة الخرطوم والتي كانت تسمى سابقاً كلية (غردون التذكارية) ولم ينسجم تاج السر مع دراسة الطب رغم مرور سنتين على التحاقه بالكلية الطبية، وكان تاج السر مولعاً بالطيران وكان يحلق بخياله بعيداً عن كلية الطب، ففي سنة 1958 نال تاج السر بعثة للتدريب على الطيران في مدينة بيرث الأسكتلندية فتفوق على أقرانه ونال الشهادة خلال 9 أشهر وقد نشرت جريدة الصحافة أول قصيدة لتاج السر كنه 1957م.
(3)
شرحبيل أحمد في تجربته الغنائية، تعاون مع العديد من الشعراء أمثال محسن بشير الذي قدم معه مجموعة من الأعمال الغنائية، وكذلك الشاعر محمد أحمد سوركتي في أغنيات مثل (بتقول مشتاق ــ عشنا وشفنا كتير في الحب)، وكذلك تعاون مع رفيق دربه الشاعر (سعد قسم الله) في مجموعة كبيرة من الأغنيات بدأت منذ الظهور الباكر لشرحبيل في الوسط الفني، ويعتبر الشاعران (بشير محسن وسعد قسم الله) شريكي نجاح في تجربته الغنائية الممتدة منذ الخمسينات، وذكر ذلك الصحفي الراحل عوض محمد أحمد (لعبت بعض الشخصيات دوراً مهماً في حياتنا اليومية وتفاصيلها، إلا أنها لم تحظ بالصيت والضوء الذي يتناسب مع عطائها، وبقيت على الظلال ربما أنها تفضل أن تعطي دون أن تستبق شيئاً وربما يكون لجهلها بقيمتها، ولكن في كل الأحوال يبقى للتاريخ ذاكرة.. رائحة نفاذة ووجه وعيون، ومن تلك الشخصيات الشاعر سعد قسم الله الذي أعطى في مجالات شتى ومازال مجهولاً لدى بعض الأجيال التي لم تتعرف على كسبه وما أعطى).
(4)
الشاعر سعد قسم الله يظل شريكاً أساسياً في تجربة شرحبيل أحمد ويعتبر معظم إنتاجه الغنائي كان من نصيبه، والشاعر سعد قسم الله هو من مواليد العام 1936 بقرية البشاقرة شرق موطن أهله وأجداده، ولكن سرعان ما ارتحلت أسرته إلى مدينة الخرطوم بحري وعمره 6 سنوات، واستقر به المقام حتى هذه اللحظة، حيث درس بخلوة حاج الصافي بحي الدناقلة ثم مدرسة النهضة ببحري (شيخ أمين)، وأكمل الأولية بمدرسة ديم بابكر ببخت الرضا، ثم مدرسة المعلمين بالدويم (بخت الرضا)، ثم تلقى الثانوية بمدرسة الأقباط المصرية في الخرطوم.
(5)
الشاعر محمد نجيب محمد علي يمثل جزءا من مرحلة هامة في تاريخ الشعر الغنائي بالسودان، فهو من الشعراء الذين أحدثوا انقلاباً في مسار الأغنية السودانية، حيث تميّزت إضافاته بالجرأة والتنوع، يكتب بلغة رفيعة فيها الكثير من البراعة والحداثة، يكتب الشعر بمهارة عالية لا تتوافر لدى غيره.. فهو موهوب حتى النخاع.. ومفرداته الغنائية تؤشر على أنه شاعر عميق المفردة.. جزل العبارة.. صاحب خيال متسع يحلق في الفضاء بلا قيود.. ومن يتمعن في أغنياته يجده ينحاز للفلسفة الشعرية رغم بساطة ذات المفردة التي تخرج في حلة زاهية وباهية.
(6)
أغنية بتذكرك هي الأغنية التي حررت له شهادة الميلاد والحضور ضمن الشعراء الذين يكتبون الشعر الغنائي.. فهو قال عنها، أذكر أن قصيدة بتذكرك لأحمد شاويش نشرتها في مجلة الإذاعة والتلفزيون واستمعت لها بتلفزيون السودان ذات أمسية من احمد شاويش ولم يكن يعرفني ولم أكن أعرفه..! والتقيت به بعد ذلك وقدمت له نفسي واعتذر لي بأنه نسي اسم الشاعر وأصبحنا أصدقاء، وأعتقد أن الراحلة الأستاذة ليلى المغربي لعبت دوراً كبيراً في توصيل هذه الأغنية من خلال برنامجها الصباحي.
صحيفة الصيحة