باغت اليوم صديقي الشاعر خالد الباشا . دونما مواعيد او سبب سوى ترنيمة الحب في زاتو مبرر كافي . دهمته بإتصال هاتفي بين العشيات ومطلع الليل . ولما كنت شحيح في هذا الوصل أظن ان الباشا قد فزع ! إذ التقط مكالمتي من الطرقة الأولى . وهذا من أصل هذا الرجل الاسمر كحواف صخر صهرته شموس دروب الصحاري الطوافة بديار الشايقية قبل ان تسلمهم للنيل . فتخضر دواخلهم قبل جلودهم . وسحناتهم . قلت للباشا وأنا أضح اتمثل آكسنت أهله . آ زول الليلي مرقتني من طور وقاري ! لم اتركه يبلع ريق دهشته فقلت إستمعت لك عبر إذاعة فصرت اتلقى البيت تلو البيت وانا اهتف الله . الله . مثل درويش في حضرة . قلت له اعلم انك شاعر ومبدع لكنك لسبب ما ربما صادفت فاصلي المداري عن خط الشجن فأحببتك اكثر .
2
تحادثنا قليلا . يروقني في الرجل لسانه البدوي . وحديثه الريفي . خاصة حينما يبدل ايوة بتلك اللازمة الغضة (أي .أي) او ذاك الكسر في اخر الكلمات والأفعال واسماء الإشارة . انفتحت نفسه للحديث عن نص عند النصري واخر ارشدني اين أجده . كان يثرثر بتلك العفوية التي ظننت معها اما انه في نوري او مروي او يشق الفجاج في قلب ديار المناصير أحبابه فبوصلته دوما تتجه الى الشمال والنيل ولا يغشى المدينة الا للطارئات . لكني لم استفسره اذ تهت في غابة من الشعر الجميل تجعل ايما مقاطعة مثل سل ساطور لقطع غصن وافر الندى .
3
يروقني في شعر (الشوايقة) ذاك الحنين الذي هو سماد المعاني . ومثله مثل شعر اعراب البطانة يأسرني بقدرة التصوير للبيئة جغرافيا وظلال وملامح وان كان شعر البطانة به ميل لقسوة الفرسان و(تدرع الشبك) والاحداث اللاطمة وان كانوا في البطانة حينما يرزحون في المودة والحنين والاشواق ينتفون شواربهم حرقة وأسى ! في احوال العشق الحلال.
شعر خالد الباشا . وانصحه بالانتفاح اكثر إمتداد لدفق ابداعي كأنما ينبعث في تلكم الديار كانفاس دفق الجروف للاعطار على الحلال والقرى فوق الدروب وهو ما يجعلني اوقن ان مشكاة الادب الفطري هناك لا تزال ترسل نورها . خاصة تلك الموهبة الفطرية عند اهله في اخد كلمة من اسفل سلم قاموس العامية ونقلها لتكون نقشة ذهبية في متن قصيدة .
4
خالد الباشا مساك سعيد . انعشت ليلتي وعدلت مزاجي . دمت وطابت بمعرفتك الأيام . دي رمية بس . عاوز ابوح بس الباعوض ..سحب تركيزي ان زجرته عن اللسع اقام بأذني جوقة موسيقية
محمد حامد جمعه نوار