(1)
الاجواء الجميلة عندنا في السودان مرتبطة بوجبة (فسيخ) ساخن او (شية جمر) معتبرة – لم نعرف الاستفادة من الطبيعة التى حبانا بها الله والاجواء التى يتمتع بها السودان إلا في حدود (فسيخ) بالدكوة والبصل والشطة.
نشكى في السودان من الطقس الحار – لكنهم في الخارج يحسدوننا على هذه الشمس الساطعة.
الامطار التى ارتبطت بالخير والبركة في السودان نشكو منها … ونخشى المزن عندما تتجمع سحبها … بيوتنا لا تحتمل كل ذلك الخير – نحن بلادنا لا تقوى حتى على الرذاذ.
لا نعرف ان نستفيد من الامكانيات الطبيعية التى حبانا الله بها ، نراقب النشرة الجوية وتوقعات الطقس وننتظر المنذر ونتابع صفحته على الفيس بوك بقلوب واجفة فما ان يعلن عن امطار في الغد إلا اعتبرنا منه ذلك نذيراً.
في اوروبا تعتبر شمس السودان الساطعة علاجاً للخلايا الخاملة .. يعالجون حالات الاكتئاب والبؤس بالشمس التى ينتظرون سطوعها في السنة مرة.
اضف لكل هذه (الطقوس) الطبيعية والصحية، البيئة السودانية التى تتنوع بين الغابة والصحراء – الجبال والسهول – الخضار واليباس … عندنا من كل جنس نوع … هذا السودان بثقافته المتنوعة وطبيعته المختلفة اشبه بسفينة نوح – فيه كل الاشياء.
مع ذلك لم نحسن التعامل مع تلك (الكنوز) الطبعية التى بلغنا فيها حد الشكوى منها.
تخيلوا اننا اصبحنا نشكو من الامطار والفيضانات .. والعالم كله يتصارع على (نقطة) مياه.
الامطار عندنا تعني انقطاع التيار الكهربائي والبعوض والذباب والطين والخبوب.
هذا السودان نحن لا نعرف قدره .. ولا نعرف قيمة ما نملك وما حبانا الله به ..لذلك النعمة عندنا تصبح نقمة.
(2)
قد تكون اقدارنا كتبت علينا ان يموت ابناء هذا الشعب بالنار والرصاص والغاز المسيل للدموع.
ارتفعت نسبة الموت بالرصاص في السنوات الاخيرة بصورة (خرافية).. ما ان تدخل الى اي بيت سوداني إلا وتعلم ان هناك (شهيداً) .. وما ان تذهب الى (مستشفى) إلا وتجد (مصاباً) من مصابي ثورة ديسمبر المجيدة.
حتى المطارات اصبحت تزدحم بمصابي ثورة ديسمبر المجيدة الذين ينشدون العلاج في الخارج.
كنا نودع في المطارات العرسان والمغتربين .. الآن اصبحنا نودع المصابين.
الموت بالنار امر اعتدنا عليه – الجديد هو ان هناك حالات موت بالماء – يحدث ذلك في كل خريف.
ضحايا الامطار والسيول والفيضانات اضحوا لا يحصون ولا يعدون وليس عندنا لهم غير استقبال طائرة اغاثة من قطر او من الامارات هذا كل ما نقدمه لهم.
المشكلة اننا سعداء بذلك والاذاعة والتلفزيون تعلن عن وصول طائرة اغاثة من الخارج.
الحكومات الشمولية لم تقتلنا بالنار وحدها – انهم يقتلوننا بالماء ايضاً – مع كل هذه الامطار والسيول والفيضانات تشكو بيوتنا من قلة المياه بسبب انقطاع المياه.
لا نحصد من فصل الخريف إلا صور لامرأة كبيرة في السن تغرق او بيت ينهار او طفل يقف حائراً وهو محاصر بالمياه.
هنالك مشكلة حقيقية في (الانسان) السوداني – اذا كنا لا نعرف ان نستفيد من هذه النعم على الاقل يجب ان لا نتضرر منها.
(3)
بغم /
لم اجد مكاناً طبق فيه الابتلاء بالنعمة اكثر من السودان – الذى تمثل فيه النعم (ابتلاء).. وليس هناك مثال يؤكد ذلك اكثر من ان الامطار والسيول والفيضانات لا نحصد منها غير (الكوارث) حتى اننا اصبحنا نقول كوارث فصل الخريف رغم ان الامطار هي دائماً امطار خير وبركة ولكن لا نستوعب نحن ذلك.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة