“البوح ليس دائماً أذناً أخرى بقدر ما هو زمان ومكان ولذة اعتراف”.. محمد حسن علوان..!
هذه إعادة كتابة لأهم ما جاء في رسالة قارئة كتبتها على طريقتها ثم عبرت أنا عن ما كان يجيش في صدرها على طريقتي. تقول صاحبة الرسالة:
أنت الآن رجل نمطي، خاطب غيور، يقف خلف السياج بانتظار أن يسمع سرداً لتاريخ قطعة أرض اختارها سكناً قبل أن يغرس رايته فيها “على طريقة الغزاة الفاتحين”. لك هذا ولكن عدني أولاً بأن لا تغرق في طوفان الصراحة..!
أحببته جداً إن كان صدقي لا يؤذيك، كنت ناقمة على جموع المذكر السالم عندما اقتحم عزلتي كبائع ورد. كيف أكون أنثى حقيقية وأقطب جبيني في وجه بائع ورد؟. طرق نبله باب قلبي المُوصّد، تسلّل نوره بين شقوق جدرانه التي أنهكها الخذلان..!
من بين النور والظلال رفعت رأسي، تأمّلت أصابعه، كانت أجمل أصابع قرأتها في حياتي، وكان عيبها أنّها تدرك ذلك وتحتفي به. قالت الأصابع مُخاطبة إياي “صاحبي على النقيض منك لا يشبهك ولا تشبهينه، ولكن تأكّدي أنّك عنده أيقونة ناطقة بكل ما ينشده في النساء”..!
حسناً، أوافق غرورك الرأي، هي لم تكن علاقة بالمعنى المفهوم، لكن المرأة التي تحترم قلبها وأنوثتها لا تملك إلا أن تعتبر الوصال عهداً، لا يمكن لها بأية حال أن تتجاهل التزامها بجلسات بُوح واستماع منحتها طواعية لرجل جذبها كالمغناطيس وخطف بصرها كالفلاش، ثم تركها تتلمس خطاها بين ظلال المشاعر. لنقل إنه عهد وإن كان سراباً، يقين وإن كان في حكم الأمانة غير الراجعة – كما يقول قانون الملكية العقارية -..!
والآن ها أنت تسأل من جديد عن “نهايتي” مع رجل كان قبلك. طيبا، بمقدوري أن أنسج أمامك تفاصيل لطيفة عن استمرار تأجج لهفته ولواعجه، أن أصور نفسي امرأة لا تنسى على مدار الساعة، أنثى ساحرة ومدمرة للخلايا كسرطان لعين، لكن الحقيقة بكل شجاعة ونزاهة وصراحة هي “لا”..!
رحل الرجل الذي كان وتركني بالخيار، أن أقاطع المطعم إلى الأبد، أن أعلن إضراباً مفتوحاً عن أكل الدليفري، أو أن أحاول ابتلاع تلك الأحجار وأنا أفكر بذكرياتي التي قد تعود يوماً لتقيم بين يدي. المُقاطعة كانت خياره الذي تظاهرتُ بأنّه خياري..!
والآن ها أنا ذي، امرأة كانت تنتظر البص على قارعة الطريق وهي تلعن الحاجة والغياب، عندما وقفتْ بجوارها فارهتك نظرتْ عبر الزجاج، تأملتْ أصابعك النبيلة، ضبطتْ نفسها متلبسة بالأمنيات، بسملتْ وحوقلتْ، ثم اعتذرتْ للسائق الوسيم – مكرهة لا بطلة – ليس لأنها راهبة بل امرأة خائفة تُفضِّل انتظار فقر باقي العمر على ثراء اللحظة الآفلة..!
سيدي، ثوب الصبر ما عاد يحتمل سوى رقعة واحدة، ستر العورة أولى من غسيل الثياب والانتظار تحت شجرة ظني أولى من الذهاب إلى الاغتسال في نهرك. أنت – كعادة الرجال الطائشين- لا تملك ثوباً ساتراً لكنك تبحث عن فتوى تلغي حكم صلاة العراة، وأنا – كعادة النساء العاقلات – أعتذر عن قبول طلبك..!
صحيفة الصيحة