كانت القوات المسلحة أول من بادر بنصرة المنكوبين من محنة السيول والامطار، واعانتهم بتقديم السند اللازم والضروري لهم، وسخرت لذلك آلياتها وأجهزتها ومعداتها، التي توجهت صوب مواقع (المحنة) في المناقل والنيل الأبيض ونهر النيل وجنوب كردفان ودارفور.
وهذا الانفعال السريع والكبير من قيادة الجيش، ليس بمستغرب من هذه المؤسسة التي تقوم على اسناد الشعب، والمواطن، حيث امتدت تجاربها في خدمة الشعب وسجلها مليء بالأقاصيص والمشروعات، زيارة الفريق اول عبدالفتاح البرهان لمناطق المحنة، التي نفذها لمناطق وقرى الجزيرة خاصة مناقل الخير، واعقبها بتفقد احوال المنكوبين في النيل الابيض، هذه الزيارة جاءت لتعزز دور الجيش في الحياة العامة، وتثبت لكل صاحب بصر ونظر أن مؤسسة الجيش تلتحم بشعبها، فهي منه واليه.
قابل اهل (المحنة) رغم آلامها الزيارة بالفرح والحبور، فها هي قيادة الدولة تقف الى جانبهم في هذه المآسي المفزعة، التي أفقدتهم المأوى وسند العيش الكريم، وجاءت توجيهات رئيس مجلس السيادة برداً وسلاماً عليهم، بتكوين لجنة عليا للمتابعة وتقديم السند اللازم وتقييم الأحداث لحظة بلحظة.
قال الفريق أول البرهان، ان الشعب السوداني فقد ثلاث سنوات من عمره، ولعمري هذا اعتراف المكاشفة، بأن السياسيين وخلافاتهم هم سبب أزمة المواطن، وهي رسالة اراد ان يبعثها البرهان لجماعة (ساس يسوس) من داخل أرض النكبة، لتكشف لهم ضرورة الاتفاق والتوافق لبناء سودان جديد يقوم على أساس متين من النهضة والاستقرار والنماء، ليس السودان الحالي الذي انهكته الخلافات.
كذلك استنفر قائد الجيش القطاع الخاص، فتداعى نفر من رجال الأعمال (لهم في خدمة الشعب عرق)، تقدمهم الدكتور اشرف سيد احمد الكاردينال، الذي سبق الجميع بقوافل الخير للمناطق المنكوبة.. وينتظر أهل السودان في مناطق (المحنة) أيادي أبنائهم في القطاع الخاص لتنتشلهم مما هم فيه؛ وليس للسوداني غير السوداني؛ برغم التداعي العربي من أشقاء وأحباب لتقديم النجدة والمساعدة للسودان.
السوداني دائماً يتجلى في ساعات المحنة، ويهب لنجدة الضعيف، وليس هناك أضعف اليوم ممن فقد بيته ومأوى اولاده، وترك وراءه كل شيء من متاع الدنيا، نتمنى ان تنجلي (المحنة) وتخفف الآلام بجهود الجميع، لان ما يحدث هذه الساعات في المناطق المنكوبة يفوق كل التصورات؛ وشيء فوق طاقة التحمل.. أحياء كاملة محيت من الخارطة؛ وآلاف المنكوبين الذين فقدوا السند في الحياة؛ وأرواح بريئة انتقلت الى رحاب الله.. لهم جميعاً الرحمة والمغفرة.
لا ولن نشكر الجيش السوداني لفعله الصميم وهبته لنجدة المنكوبين، فهو –أي الجيش- من الشعب واليه؛ وما زال مطلوباً منه الكثير، ولن نشكر رجال الأعمال فهم أبناء هذا الشعب المتكافل المتراحم.. الذين لهم أيادي بيضاء في خدمته؛ ويكفي أنهم جميعاً سودانيون.
صحيفة الانتباهة