يوسف السندي
تفاجأ الوسط الثوري بالمديح الذي كالته إحدى فتيات غاضبون لقائد الدعم السريع بعد أن قررت السفر على نفقته إلى تركيا من أجل العلاج.
حميدتي ومجلسه العسكري هم المسؤولون المباشرون عن الاصابة التي تعرضت لها هذه الفتاة، ولا يستقيم عقلاً أن يكونوا حريصين على علاجها بدافع وطني، وإنما هي وسيلة اخرى جبانة من وسائل الانقلابين لزيادة الشك والتفرقة داخل الصف الثوري.
وهذه ليست المرة الأولى التي يسقط فيها أحد شباب الثورة، ولن تكون الأخيرة، فمعظم هؤلاء الشباب صغار في السنة وصغار في التجربة السياسية، وأمام عيونهم كثير من التخليط والمجهول، وهم يجدون أنفسهم فجأة في موقع تحمل مسؤلية وطن كامل، مما يؤثر في تركيزهم، ويعمل على زيادة ارهاقهم النفسي والفكري، ويعرضهم إلى الابتزاز من الأجهزة الأمنية.
أجهزة الانقلاب الأمنية وجميع أجهزة الامن في العالم تعمل بصورة حثيثة على غرس عيون ومصادر لها داخل اي جسم مضاد لها، وتصرف ميزانيات ضخمة على شراء الثوار والمعارضين، وبالتالي ما حدث ليس شيئاً جديداً، بل هو عمل ووظيفة هذه الأجهزة، ومعظم الناشطين في العمل السياسي في الجامعات شاهدوا مناظر مختلفة من هذا الفيلم، شاهدوا تبدل الكوادر الخطابية الشهيرة من حزب إلى آخر مضاد، واكتشفوا مرات ومرات (غواصات) امنية وجواسيس. فهل قاد هذا الشيء إلى توقف النشاط السياسي المعارض في الجامعات؟ الإجابة قطعا هي لا، و لا كبيرة جدا.
العمل السياسي بحر متلاطم الامواج، وفي كل زاوية منه تحدي وامتحان، فان لم تكن مستعدا لذلك ومدرب وتملك الدافع السليم والعقل الموضوعي فان سقوطك ليس مستحيلا.
السقوط مؤلم صحيح، ولكنه حقيقة موجودة ومتوقعة يجب التعامل معها، هل يعني هذا الشك في بقية الصحاب؟ لا، بل يعني الاستعداد لمواجهة احتمالات الخيانة والطعن من الخلف، والاستعداد لتجاوز من يسقط بغض النظر عن قيمته ودوره، فهذا الدرب من سار فيه امتحن في نفسه وأهله واصحابه وقناعاته.
هل ما يحدث من اغتيال لشباب ناشط في الثورة هو مخطط ساهم فيه هؤلاء الخونة؟ نعم بلا شك، وهذا ما يتطلب زيادة القدرات التأمينية والعمل على الوحدة الجامعة لصف الثورة لزيادة العدد الأفقي لخلايا وتكوينات وتنظيمات الثوار وتحويل المهمة الامنية في اصطياد الشباب الفاعلين بالرصاص مهمة شبه مستحيلة.
هل سقوط هذه الفتاة سيؤثر على مسار الثورة؟ لا، فالثورة نفسها حدث قائم بذاته، اكتملت شروطه ولن يتوقف ما لم يحقق أهدافه المعلنة.
صحيفة التحرير