زاهر بخيت الفكي يكتب: كلامك حلو يا الدقير!!
في أخرِ انتخابات ديمقراطية وقف مُرشح إحدى الدوائر في ليلة سياسية يُحدِث أهل دائرته عن برنامجه الانتخابي المملوء بالبشريات، لم يترُك مشكلة من مشاكِل المنطقة إلّا ووعدهم بحلها بمجرد دخوله البرلمان، وللرجل تجربة سابقة فاز فيها من نفس الدائرة، وعدهم فيها بالكثير ولم يُحقّق شيئا، (والهتيفة يهتفون) وقبل أن يترجّل النائب من منصته، صاح فيه أحدهم قائلاً كلامك حلو يا الزعيم إن شاء الله الهواء يخلي لينا للصباح. بما أنّا ما زلنا ندور في نفس الحلقة الخبيثة البائسة، وقد تعذّر علينا الخروج منها، فما زال البعض من ساستنا يستخدم في نفس الاسلوب، الذي لم يُفيد الناس من قبل في كُل الفترات الديمقراطية التي أعقبت الاستقلال، ولن يكون مُفيداً في هذا الزمان، الذى ارتقى فيه الناس إلى مرحلة عالية من الوعي السياسي، أصبحوا يُميزون فيها بين جد السياسة وهزلها، ولا مكان فيه للزعامات التي لا تتكئ على أفعال حقيقية، أمّا الكلام فمهما كانت حلاوته وطلاوته فلن يصنع زعيماً يتحلّق حوله الأتباع. بعيداً عن السياسة نُقِر باختلافِ لغة الباشمهندس الدقير التي لا تشبه في رقتها لغة رفاقه من الذين صعدوا معه إلى سطح المشهد السياسي بعد الثورة، ونتفق مع البعض في أنّ للرجل نهج وسطي مُختلِف يشبه لغة حديثه، ولكن الفعل السياسي كما يقول فقهاء السياسة يُشابه إلى حدٍ بعيد الفعل الاقتصادي، فالنجاح فيهما يحتاج إلى تطابُق الأقوال مع الأفعال، ولم نسمع يوماً بأنّ حشّاش بدقنو أخي الدقير حصد شيئاً من زراعته. (قال عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني؛ إنه بخصوص تشكيل السلطة الانتقالية نرى أن لا تخضع لمحاصصة حزبية، ونوه الدقير في تصريحات صحفية أن المسألة في معايير محددة يتم عليها التوافق على رأسها الموقف الصميم و الإيمان الراسخ بالثورة و إستعداد للتضحية في سبيلها بدون إى تراجع أو إنحناء), ذاكرتنا لم تنسى بعد تلك التصريحات التي أطلقتموها بعد الثورة، بأنكم كأحزاب سياسية لن تُمارِسوا أي عمل تنفيذي في الفترة الانتقالية، ولم توفوا بما عاهدتمونا به، فما إن فاحت رائحة كيكة الانتقالية، بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية، حتى حمل فيكم الأعمى المكسّر وذهبتم تتصارعون لأخذ نصيبكم منها، وما حدث من صراعات بينكم لأجل السُلطة لا يحتاج مني ولا من غيري لتأكيد، وقد شاركتُم العسكر كساسة في الشق المدني في إجهاض الفترة الانتقالية، وفتحتُم الطريق للبرهان ورفاقه لانتزاع السُلطة منكم، وقطعتُتُم الطريق بصراعاتكم أمام قطار المدنية قبل أن يتجاوز محطاتِه الأولى. عن أي تضحية تتحدثون يا هذا وممارسة بعضكم للسياسة ما قبل الانقلاب أثبتت بأنّ الموقف الصميم و الإيمان الراسخ بالثورة و الإستعداد للتضحية في سبيلها وغيرها من المعايير التي حدثتنا عنها اليوم ما هي إلّا شعارات. اعملوا أولاً في اعادة الثورة ومن ثم افعلوا ما يُفيد السودان وأهله واتركوا لنا الحُكم.
صحيفة الجريدة