أكد الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، أن الصناعات القائمة -حالياً- هي صناعات يمكن أن يقال عنها إنها هامشية معظمها في قطاع الأغذية والبلاستيك. وهذه منتجات يمكن استيرادها من الخارج بجودة أفضل وأسعار أقل حتى لو توقفت فلن يكون لها أثر اقتصادي، وليس للسودان ميزة نسبية في إنتاجها، ويمكن التعويض عنها بالقطاع الزراعي.
وأضاف أن القطاع الصناعي حظي من الدولة بامتيازات وتسهيلات منذ الاستقلال وحتى الآن دون جدوى وكل المصانع العاملة الآن حصلت على إعفاءات من ضريبة أرباح الأعمال وإعفاءات جمركية على وارداتها من المعدات والسلع. إضافة إلى برامج إعادة التأهيل وإعفاءات شملت حتى العربات الفارهة بلوحات استثمارية.
لقد حصل تخفيض بالنسبة لضريبة أرباح الأعمال في يوليو 2003م، من (35% إلى 10%). كل تلك الإعفاءات والتي تسببت في فاقد ضريبي وجمركي كبير وصل في نوفمبر 2002م، إلى ما يعادل (500) مليون دولار، حسب تقرير بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت السودان آنذاك لحساب الفاقد الضريبي من الاستثمارات.
ولقد أدى الفاقد الضريبي إلى عجز كبير في موازنة الدولة مما جعلها تلجأ إلى تغطيته بطباعة النقود ومن ثم توالى انهيار الجنيه السوداني وعجزت الحكومة من تمويل برامج التنمية ومشاريع البنيات الأساسية من كهرباء وطرق وغيرها.
مبيِّناً التدهور في قيمة الجنيه وارتفاع التضخم وانهيار البنيات الأساسية قد انعكس سلباً على الصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات.
ولفت أن الإسهام المباشر لضرائب أرباح الأعمال للشركات (عدد 69 ألف) شركة من بينها شركات القطاع الصناعي بلغ في العام 2021م (26 مليار جنيه)، وهذا المبلغ لا يغطي سوى (2%) من الإيرادات العامة الذاتية وحوالي (1,5%). حيث تعتمد الموازنة بنسبة (94%) على الرسوم والضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة ورسوم الإنتاج والرسوم الجمركية.
الإسهام الضعيف لضرائب الدخل على القطاعات المختلفة ومن بينها القطاع الصناعي هي السبب الرئيس لضعف إيرادات الدولة ومن ثم لجوئها للرسوم. فضرائب الدخل وأرباح الأعمال لا تغطي مصروفات الحكومة لأكثر من خمسة أيام، في العام.
وحال استجاب وزير المالية للمستوردين والمصنِّعين وعمل على تخفيض تلك الرسوم فهذا -أيضاً- انهيار لإيرادات الموازنة العامة وسندور في فلك السياسات الفاشلة السابقة التي أوصلت البلاد إلى هذا الانهيار. فتوقف بعض الصناعات أو إحجام بعض المستوردين عن الاستيراد أن يكون له أثر كبير على الاقتصاد أكثر من التراجع عن تلك السياسات. فوزارة المالية تسير سياساتها في الطريق الصحيح والذي انعكس في تراجع معدَّلات التضخم وثبات أسعار السلع الرئيسة مثل: القمح والزيوت وغيرها.
ونلاحظ أن مساهمة الضرائب من الناتج المحلي الإجمالي في السودان فقط (5,2%) وفي أوغندا وإثيوبيا (11%) فقط، ومثل تلك المساهمات تعتبر ضعيفة وهي من سمات الدول الفاشلة. إذا كانت الموازنة تعتمد على الرسوم والضرائب غير المباشرة وبنسبة (94%) نقترح ضرورة فرض ضريبة ثروة سنوية على الأثرياء الذين تتجاوز ثروتهم (2) مليار جنيه، من الأصول الثابتة والمنقولة لتعويض النقص في الموازنة الذي ينجم عن تخفيض الرسوم حتى لا تلجأ الحكومة إلى طباعة النقود والتمويل بالعجز التي تعمل على تآكل دخول المواطنين وبالتي تزيد من معدلات الفقر.
صحيفة الصيحة