زهير السراج يكتب: هل تحولت لجان المقاومة الى طاغوت؟!
* كثيراً ما فكرت في كتابة مقال او مقالات ناقدة لبعض مفاهيم وافكار بعض الشباب ولجان المقامة خاصة الاعتقاد الذي ترسخ في اذهانهم بأنهم قادة النضال دون سواهم، ووحدهم الانقياء الذين يقدمون التضحيات، وانهم الذين اسقطوا المخلوع والذين سيسقطون البرهان بدون مشاركة أحد، بينما البقية خونة وسارقو سلطة ومتطلعون للمناصب وغير جديرين بالمشاركة في بناء المستقبل، لاخفاقهم وفشلهم الذريع في بناء السودان، وهي الافكار نفسها التي ظل يروج لها الانقلابيون، سواء في الماضي أو الحاضر! * غير أنني كنت دائما ما أتوقف في اللحظة الاخيرة باعتبار ان الوقت ليس وقت تقديم انتقادات، قد يساء فهمها من البعض وتقود الى المزيد من صب الزيت على نار الخلافات والانشقاقات في وقت نحن أحوج ما نكون فيه الى وحدة العمل المعارض وتوحيد الصفوف والتغاضي عن الاخطاء، وعلى هذا الاساس ظللت أحجم عن الكتابة حول بعض مفاهيم وافكار الكثير من الشباب ولجان المقاومة، غير أنني قررت أخيراً ان أكتب بعد التهديدات الاخيرة من لجان مقاومة الديوم الشرقية لقوى الحرية والتغيير بعدم اقامة موكبها في محطة باشدار وما أعقبها من اعتداءات، الأمر الذي يشير الى استفحال الاوضاع ! * بدءاً اقول أنه لا احد يستطيع أن ينكر دور الشباب في الاطاحة بنظام المخلوع ومعارضة الانقلاب الغاشم للبرهان وتقديم الكثير من التضحيات، وهي سمة الشباب في كل عصر من العصور، فالحركة النضالية تقوم في كل المجتمعات على الشباب في المقام الاول باعتبار الروح الثورية الكبيرة الكامنة فيهم، والرفض المتأصل في نفوسهم للقديم، والطموح الكبير لديهم لتحسين الحاضر وبناء مستقبل جيد يجدون فيه أنفسهم ويحققون أحلامهم، فضلاً عن انهم الفئة الاكثر تضرراً من الازمات خاصة الاقتصادية التي تحرمهم من الحصول على التعليم والوظائف والاعمال المناسبة وتقف عائقاً أمامهم دون بناء ذواتهم، وتولد في نفوسهم براكين الغضب ضد الذين يتسببون في معاناتهم وحرمانهم، بينما غالبية الكبار أو الذين تجاوزوا فترة الشباب غالبا ما يتقبلون بشكل أو بآخر الاوضاع التي هم فيها ويحاولون التعايش معها، لذلك فمن الطبيعي أن يكون الشباب في مقدمة الثورات وانهم من يقدم التضحيات، بدون أن يكون لهم نصيب في إدارة الشؤون العامة بعد نجاح حركات التغيير، لعدم توفر الخبرات المناسبة لديهم بسبب صغر سنهم، وهو أمر طبيعي في كل المجتمعات! * لقد عشنا جميعاً نفس التجربة عندما كنا شبابا ولم نر في ذلك انتقاصاً لدورنا او انكارا لنضالنا، ولا يزال الكثيرون منا يناضلون حتى اليوم من أجل وطن أفضل بدون التفكير في الحصول على منصب او القول بأننا الاحق بالحكم، او الدعوة الى تهميش واستبعاد من هم أكبر منا سنا باعتبار انهم من مخلفات الماضي أو انهم فشلوا في ادارة البلاد والتقدم بها الى الامام، فلكل زمن ظروفه ولكل فشل ونجاح معطياته التي ربما لا يكون لها علاقة بالذين نتهمهم بالفشل او ننسب إليهم النجاح، وربما كانوا هم السبب ولكننا لا نستطيع ان نجزم بذلك بشكل مطلق حتى لو تيسرت لنا كل الظروف المناسبة للدراسة والحكم عليهم، فالعمل السياسي ليس تجربة كيمائية لها نتيجة واحدة، فلكل دارس ولكل شخص نظرته الخاصة له وتقييم أداء الآخرين إستناداً على أفكاره وما يؤمن به، فمن أراه أنا ناجحاً، قد يراه غيري فاشلاً، مع استبعاد الفساد والهيمنة وانتهاك الحقوق وقمع الحريات وغيرها من الاشياء المتفق عليها ! * ولا يمكن انكار الدور القيادي للجان المقاومة في توحيد الشباب وشحذ الهمم لمواصلة النضال من أجل اسقاط الانقلاب الغاشم واستعادة الثورة السودانية وتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية! * غير أن ذلك لا يعطيها الحق في إنكار أدوار الآخرين والتضحيات التي قدموها طيلة العهد البائد والعهود التي سبقته، والارث النضالي الضخم الذي نتج عن ذلك وتعلمنا فنون النضال، ولا يضعها في مرتبة أعلى من غيرها حتى تزايد عليهم وتنعتهم بالفشل وتصفهم بالخيانة، وتحدد لهم أدوات وأزمنة وأماكن النضال وتحتكرها لنفسها! * ويجب أن تفهم أنها ليست (تابو) لا يجوز الحديث عنه، أو انها فوق النقد، وانما قابلة للخطأ والصواب والنقد مثل غيرها، وهي جزء لا يتجزأ من حركة النضال وليست الكل، وعليها ان تتعامل مع الآخرين من هذا المبدأ وتتعاون معهم بكل تواضع ومسؤولية لتحقيق الهدف المطلوب، وإلا صارت أحد الطواغيت الذين تحاربهم !
صحيفة الجريدة