مناورة أم حديث جدي.. كيف يرى السودانيون ماقاله حميدتي عن تسليم السلطة للمدنيين؟

حتى الآن لم يتضح بعد، ما قصده محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، وهو نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وقائد قوات الدعم السريع في السودان، حينما قال بأنه ورئيس المجلس الفريق عبد الفتاح البرهان، قد قررا بصورة صادقة، ترك أمر الحكم للمدنيين، وأن القوات النظامية، ستتفرغ لأداء مهامها وفق الدستور والقانون.

وكان حميدتي قد أحدث حالة من الصدمة، داخل السودان وخارجه، حين قال في بيان له مساء الجمعة 22 تموز/ يوليو، متحدثا عن مجلس السيادة: “قررنا سويا إتاحة الفرصة لقوى الثورة، والقوى السياسية الوطنية، بأن يتحاوروا ويتوافقوا، دون تدخل منا في المؤسسة العسكرية”.

ودعا حميدتي كل قوى الثورة، والقوى السياسية الوطنية، للإسراع في الوصول لحلول عاجلة، تؤدي لتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي، كما دعا من وصفهم بـ”الوطنيين الشرفاء من قوى سياسية وثورية ومجتمعية”، للتكاتف والانتباه للمخاطر التي تواجه البلاد، والوصول لحلول سياسية عاجلة وناجعة، لأزمات الوطن الحالية.

ردود متباينة

على المستوى الداخلي تباينت كثيرا، ردود الفعل في الأوساط السياسية السودانية، تجاه ما أعلنه حميدتي، بشأن الانسحاب من المشهد السياسي، فقد رحبت ” الجبهة الثورية” المكونة من حركات مسلحة من جانبها، بما قاله حميدتي، معتبرة أنه يمكن البناء عليه، للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، في ظل مرور أكثر من تسعة أشهر يعيشها السودان دون حكومة، غير أن فصائل معارضة أخرى، اعتبرت أن الموقف الذي أعلنه حميدتي لا يحمل جديدا، وهو لايعدو أن يكون مواصلة العسكريين لنهجهم في “المراوغة والتشبث بالسلطة”.

وفي الوقت الذي ترى فيه فصائل موقعة على اتفاق “جوبا للسلام”، ومنضوية تحت “الجبهة الثورية”، أن بيان حميدتي أكد ترك الحكم للمدنيين، وتفرغ القوات النظامية لأداء مهامها الوطنية، وأن هذا الموقف يمكن البناء عليه، باتجاه حل الأزمة يعتبر مشككون، من قوى سياسية معارضة أخرى في السودان، أن ماجاء به حميدتي يندرج ضمن أسلوب العسكر، بالمراوغة والخداع، للتهرب من مسؤولياتهم،وما آل إليه الوضع بفعل انقلابهم العسكري على الحكم المدني.

ويعتبر مراقبون أن ما أعلنه حميدتي، يأتي استكمالًا لإعلان قائد الجيش السوداني قبل أسابيع، عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار برعاية الآلية الثلاثية، لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية، والمكونات الوطنية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، تتولى استكمال متطلبات الفترة الانتقالية على حد تعبيره.

من جانبها أشادت “قوى الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي”، السبت 23 تموز/يوليو، بإعلان نائب حميدتي، ترك أمر الحكم للمدنيين، وتفرغ القوات النظامية لأداء مهامها الوطنية، وقالت في بيان لمكتبها التنفيذي، إن بيان “حميدتي” قد “حوى إقراراً إيجابياً ببعض مطالب الحركة الجماهيرية، أهمها ضرورة تسليم السلطة كاملة للمدنيين، وخروج المؤسسة العسكرية كلياً من السياسة وتفرغها لمهامها الدستورية”.

وذكرت قوى الحرية والتغيير، أن “الانقلاب يقود البلاد إلى وضع خطير، يهدد وحدتها واستقرارها”.ـ وأضافت “ستطرح قوى الحرية والتغيير مشروع إعلان دستوري لكل قوى الثورة والقوى المدنية”، وأكدت قيادات بقوى الحرية والتغيير بعد صدور البيان الأول، ردا على تصريحات حميدتي،على أنه يتعين على المؤسسة العسكرية، أن تتبع القول بالعمل، من خلال خطوات واضحة وملموسة، بشأن إبعاد العسكر عن السياسة، وتسليمهم السلطة للمدنيين.

أما تجمع المهنيين السودانيين، وهو الفصيل الذي يقود الحراك المناهض للحكم العسكري في الشارع، فقد وصف ماجاء في الخطاب الأخير، لنائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بأنه محاولة لمغازلة القوى الثورية، وأكاذيب لن تنطلي عليها، مؤكدا على استمرار حراكه على مستوى الشارع، لإنهاء ” الانقلاب” في السودان.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أثار حديث حميدتي جدلا واسعا، في أوساط السودانيين، بين من يعتبرون أن ما قاله الرجل، يمثل رغبة حقيقية في إخراج العسكر من السلطة، ومن يعتبرون أن ما قاله لايعدو أن يكون مناورة وتكتيكا، لتفادي ضغوطات المرحلة على الحكم العسكري، وآخرون يطالبون العسكر بأفعال بدل الكلمات، ووضع خطة واضحة لنقل السلطة، وتفرغ الجيش لمهامه العسكرية.

BBC

Exit mobile version