بخاري بشير يكتب: هل يغيب (العسكريون) عن المشهد؟

تابع السودانيون قرارات البرهان الاخيرة الخاصة بخروج المؤسسة العسكرية من الحوار؛ الأمر الذي قوبل بجدل كثيف ما يبن مؤيد ومعارض.. وكان أبرز المعارضين هم (قوى الحرية والتغيير واحد)؛ ووصفوا القرارات بأنها مجرد (مناورة)؛ وهم يريدون- من جهة خفية- أن يقوم المكون العسكري في السيادي بتسليمهم السلطة كاملة مرة أخرى كما كانت أيام حمدوك؛ ونسوا أن ديكتاتوريتهم المدنية هي التي سرعت خطى الجيش لابعادهم عنها.

لفت انتباهي خطاب حميدتي الاخير الذي أكد خلاله وقوفه الكامل الى جانب قرارات 4 يوليو المؤيدة لخروج الجيش.. وقال حميدتي: “ان القرارات عملنا على صياغتها سوياً”؛ قاطعاً الطريق أمام الذين روجوا انها جاءت بانفراد للجيش دون اشراك الدعم السريع.. المهم أن حميدتي أكد سعيهم الحثيث لتوفير حلول للأزمة الوطنية مهما كلفهم ذلك من تنازلات؛ وقوله: “نحن لن نتمسك بسلطة تؤدي لاراقة دماء شعبنا والعصف باستقرار بلادنا”.

ومن الجمل المهمة التي حواها خطاب حميدتي قوله “اننا قررنا سوياً اتاحة الفرصة لقوى الثورة والقوى السياسية الوطنية أن يتحاوروا ويتوافقوا دون تدخل منا في المؤسسة العسكرية؛ وقررنا بصورة صادقة أن نترك أمر الحكم للمدنيين وأن تتفرغ القوات المسلحة النظامية لأداء مهامها الوطنية السامية المنصوص عليها في الدستور”.

خطابا البرهان وحميدتي أكدا أن العسكر خرجوا بالكامل من الحياة السياسية؛ وهم منتظرون –فقط-تتوافق القوى السياسية المدنية ليسلموهم السلطة كما وعدوا.. فلماذا لا تتوافق القوى الوطنية المدنية على برنامج تتوافق بالحد الأدنى لاستلام السلطة؟

وفي حال لم تتوافق سيتجه الجميع بلا شك لانتخابات مبكرة- حتى اذا كانت (رئاسية فقط) تحدد رئيس السودان القادم الذي فوضه الشعب دون استقطاب أو باستخدام سلاح المواكب والاحتجاجات.. حاكم السودان ينبغي ان يأتي منتخباً من كل الشعب السوداني بغالبيته الصامتة التي تتفرج الآن؛ لأن هؤلاء هم من يحددون مستقبل الحكم في السودان وليس غيرهم.

ممثلو لجان المقاومة والشباب الثوري قالوا إنهم لن يجلسوا الى المكون العسكري لأنه اختطف الثورة ويصفون أعضاءه بأنهم (لجنة البشير الأمنية).. فلماذا لا يتواضع الجميع لانتخابات رئاسية؛ ويخرج العسكريون من المشهد تماماً؛ ويفتح الباب لقيادات جديدة من داخل الجيش والقوات النظامية تمثل القوات المسلحة في مهامها التي حددها الدستور.

الانتخابات الرئاسية ستشكل حداً فاصلاً لهذا الجدل –المتطاول- بين العسكر والمدنيين؛ ووقتها لن يجد الشباب أمامهم غير (شخصيات عسكرية) أخرى هي التي تمثل المشهد العسكري؛ لماذا لا يذهب أعضاء السيادي من العسكريين كسفراء فوق العادة لعدد من الدول المهمة؛ ولماذا لا يمثلون السودان في المنابر الدبلوماسية الدولية كالبعثة الدائمة بنيويورك أو بجنيف وغيرها من العواصم المهمة التي تدير الدبلوماسية العاليمة.. فلماذا لا يغادر (العطا؛ وكباشي؛ وجابر وحميدتي والبرهان نفسه)؟ ويفسحوا المجال لقادمين جدد.

لا نقول يغادروا كما غادر (ابنعوف- وكمال عبدالمعروف؛ وقوش)؛ انما نقول يغادروا الى محطات جديدة يستفيد فيها منهم الوطن ومن عطائهم؛ خاصة وأنهم أثبتوا (حكمة وشكيمة وقوة) في تحمل المسؤولية في أصعب ظروف سياسية واستقطاب مر به السودان. لماذا لا نمنحهم باقة ورد ليستمر عطاؤهم ؟

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version