أحد حكماء بني أميّة قال عن سبب زوال دولتهم: (أمورٌ كبيرة أوليناها للصغار، وأمورٌ صغيرة أوليناها للكبار، وأبعدنا الصديق ثقةً بصداقته، وقرّبنا العدو إتّقاءً لعداوته، فلم يتحوّل العدو صديقاً وتحوّل الصديق عدوّاً).
في عهد الإنقاذ السابق زار المحلِّل السياسي الأمريكي “البرت هنلري” السودان وكتب عدة مقالات عن مشاهداته وانطباعاته عن الوضع في السودان وفي ظل حصار غربي خانق وحروب داخلية في أقاليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، قال: (كنت أتوقع أن أجد شعب يعاني الجوع والمرض فإذا بي أجده أرخص بلد في إفريقيا وأن الدول المجاورة له تعيش على خيراته).
حالة اللا دولة ولا استقرار نتاج اختراق مخابراتي دولي على الوطن بتواطؤ وتنفيذ من أبناء السودان، فدول إسرائيل وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا تعتبر دول عدوة تتربص بالسودان وأمنه،
ما يحصل الآن من تردٍ في الخدمات وتفلت أمني واقتتال قبلي ناتج عن “سذاجة” سياسية ينتجها الجميع إدارات أهلية وأجهزة نظامية وأحزاب سياسية، فالجميع يدرك المخططات التي تحاك ضد الوطن قبل وبعد الثورة يتم تعيين الرجل غير المناسب في المنصب غير المناسب، حشد الشباب وسواقتهم بـ”الخلاء” بدون وعي أو دراية لضرب المؤسسات العدلية والنظامية، ما يحصل الآن هو نتاج خطة غربية ممنهجة ومدروسة منذ فجر الإنقاذ لتفكيك الدولة وإضعافها وضرب النسيج الاجتماعي ليسهل الانقضاض عليها والتهامها، راعي الضأن في الخلاء يدرك أن مخابرات الدول الغربية تضمر شراً للوطن وظلوا طيلة الأعوام الماضية في حالة تربص بأمن وأمان الوطن،
وأعتقد أن أحزاب “أربعة طويلة” التهمت الطعم وعمدت بطريقة أو أخرى على إذكاء روح القبيلة وإعلاء خطاب الكراهية والعنف والتحريض ضد الأجهزة النظامية.
فكان من باب أولى أن يضع الجميع خلافاتهم جانباً وأن يعاد مسار الثورة إلى مساره الصحيح بإدارة حوار عقلاني شامل والبدء في تكوين المؤسسات الانتقالية، وتحديد موعد قاطع لإجراء الانتخابات، نأمل أن تتفق الأحزاب السياسية ولو لمرة واحدة على أن تضع الوطن نصب أعينها وخلق مشاركة واسعة للقوى السياسية من خلال الحوار، فالدعوة للإقصاء هي محاولة فاشلة لإرباك المشهد السياسي والاقتصادي والأمني.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
صحيفة الصيحة