صلاح الدين عووضة يكتب : ابن الكلب!!

وهو ذاته كلب..

هو كلب آل بابكر عيد..

وقد أشرنا إلى قصته من قبل..

ولكنا نعيدها اليوم – بتفاصيلها – لشيءٍ في نفوسنا؛ تفاصيل حقيقة ومجازية..

وما كل ما في أنفسنا يشابه ما كان في نفس يعقوب..

وزوجة بابكر عيد هي التي أطلقت عليه هذه التسمية؛ الكلب ابن الكلب..

وذلك بعد أن كان جرواً ظريفاً… جميلاً… أصيلاً..

بل كانت الزوجة هذه – أو الحاجة – تطلق عليه لقباً مضحكاً أحياناً وهي تضحك..

كانت تقول إنه كلب (ابن ناس)..

وهو بخلاف كلب آل باسكر فيل… في تلكم الرواية العالمية الشهيرة..

بل هو على العكس منه تماماً..

فرغم التشابه بين اسمي صاحبي الكلبين الا أن الذي بين الحيوانين مختلف جداً..

فأحدهما شرس…… والآخر شره..

فكلب آل بابكر عيد يأكل (أكل السوسة والعافية مدسوسة)..

أو أن عافيته هذه لا تتجلى الا في الداخل..

فحين ينهزم خارجياً – كعادته – يهرع إلى البيت لينتقم مما بداخله من حيوانات..

ينتقم من الدجاج… والقط… والحمار… والغنم..

وصار مضرب مثل ببلدتنا – والمنطقة بأسرها – في (التهويش) ..

وفي يوم طالبت (الحاجة) أبناءها بضرورة التخلص من الكلب ابن الكلب..

فقد بلغ بها الغضب منها مداه وقالت إنه (يطفح) بلا فائدة..

وأوشك الأولاد على تحقيق أمنية والدتهم لولا تدخل أبيهم في اللحظات الأخيرة..

لقد أصدر قراراً بمنح الكلب فرصة لتصحيح (الأوضاع)..

وصبر آل بابكر عيد على ابن الكلب شهراً… واثنين… وثلاثة..

وخلال شهور الصبر هذه اجتهدوا في تعليم كلبهم ما يجب أن تفعله الكلاب..

اجتهدوا في أن يجعلوا منه كلباً… ولكن دون جدوى..

وفرحت (الحاجة) حين أسر إليها زوجها ذات ليلة أن الكلب موعده الصبح..

وفي تلكم الليلة تجاوزت (الفلاحة) الداخلية للكلب كل الحدود..

وذلك بعد أن تلقى هزيمة نكراء بالخارج..

هزيمة أوقعها به جرو صغير… لا يتعدى عمره عمر صبر آل بابكر عيد عليه..

وأحدث في ليلته الأخيرة صخباً لم يُعهد فيه من قبل..

وتدخلت عوامل غيبية لتعجل بالنهاية قبل موعدها… وتضيف (أليس الصبح بقريب؟)..

ولم يطرف لأيٍّ من الحيوانات جفن… وكذلك أفراد الأسرة..

ثم حدث – فجأة – أمرٌ عجيب مع أولى خيوط الفجر..

حدثت جلبة مخيفة ارتجت لها جنبات الدار… ثم هدأ كل شيء فجأة كما بدأ فجأة..

أطبق سكون رهيب على الأرجاء..

سكون لم يشرخه إلا صوت المؤذن وهو ينبه لصلاة الصبح..

وقام حاج بابكر للوضوء متثاقلاً من أعياء السهر وهو يدمدم (أصبر يا كلب)..

ولكنه فوجئ بباحة المنزل قد أصبح عاليها سافلها..

والكلب مسجى في منتصفها؛ وما في جسده شبرٌ إلا وفيه بصمةٌ من المصير..

فيه نقرةُ ديك… أو رفسة حمار… أو خربشة قط… أو عضة تيس..

وفي المساء كانت (البليلة) تُوزع على الجيران… كرامةً..

فقد تم التخلُّص منه..

ابن الكلب!!.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version