احيانا عند المواقف الفاصلة من التاريخ ينتفي مبدأ الحياد، وتصبح أمام القادة السياسيين خيارات محددة للتعامل مع الأزمات ، أما بالحكمة والحنكة ، أو بالحسم والحزم.
فقد كانت حكومة القضارف اليوم امام اختبار صعب وامتحان عسير، حينما وضعتها الاقدار أمام الأحداث الدامية ،وارتدادتها الإنسانية التي باتت تتدحرج مثل كرة الثلج،ولا احدا يدري متي تنتهي فصولها المأساوية ؟
ولكن للأمانة والتاريخ فقد ضرب والي القضارف المكلف محمد عبدالرحمن محجوب مثالا في الشجاعة والحكمة والحكنة ووسامة الرأي و السرعة اتخاذ القرار ، حينما استطاع بكارزما رجل الدولة إنقاذ ولايته من سيناريوا كسلا المجاورة .
يحمد للرجل أنه لم يهرب من المسئولية في مواجهة الجماهير الغاضبة ،ولم يطلق يد الأجهزة الأمنية المتحفزة للالتحام، ولم يتحصن وراء جدر و يختبئ خلف الأبواب الزجاجية ،كما فعل والي كسلا بل خرج الي الجماهير المحتشدة التي حاصرت مبني أمانة الحكومة في مشهد استعراضي بامتياز ، واجه قدره المحتوم غير مبالي بما قد يصيبه من مكروه، في أجواء مشحونة بالاحتقان والغضب،
رغم أن الخطوة قد أثارت قلق الدائرة الأمن المحيطة به، ولكنه اختار الاتحام مع الجماهير دون خوف أو خشية من المجهول ،وقد كان وقع الخطوة عظيما حتي وسط الجماهير، التي بادلت الرجل التحية بمثلها ، واستمعت الي خطابه بقدر من التقدير والاحترام المتبادل ،حين شاطرهم الحزن وعبر عن عميق الحزن علي كل نفس بريئة ماتت دون جرم،مؤكدا لهم أن الدولة قد اتخذت جملة من التدابير والإجراءات لمحاصرة الأحداث ،واحتواء تداعياتها الإنسانية والمجتمعية، لافتا إلي أن يد العدالة سوف تطال كل من تلطخت يداه بالدماء ،مناشدا الجميع بالمحافظة علي نعمة الأمن السلام والتعايش السلمي،وان حكومة الولاية وفاعليتها المجتمعية والسياسية سوف تسير قافلة الي ولاية النيل الأزرق، لتأكيد التضامن وتعزيز الروح الوطنية ،،
وبالفعل كانت لكلمات الرجل وقعا عظيما في نفوس المتظاهرين ، استطاعت تجنيب القضارف سيناريو الانزلاق نحو العنف ،،
الفاتح داؤد/صحفي