زهير السراج

زهير السراج يكتب: أنت الذي لا تشبهنا !

* لم أندهش من الحديث العنصري البغيض لرأس السلطة الانقلابية خلال عطلة عيد الاضحى المبارك، فمن أين لشخص تربى في العهد البائد وشرب حتى الثمالة من إناءه الملتاث بالعنصرية والقبلية والجهوية وكل انواع الجرائم والموبقات والمفاسد والرذائل، أن يأتي بالقول الحسن والفعل الجميل .. إنهما مثل أن تطرح شجرة الزقوم التي جعلها الله طعاما للآثمين والمجرمين واهل النار، التفاح والعنب بدلا عن الحنظل السام! * تخيلوا شخصا يزعم أنه رأس الدولة، والقائد العام للقوات المسلحة التي يجب ان تمثل كل السودان بدون تحزب لعرق أو طائفة أو جماعة أو جهة، يتحدث بكل عنصرية انهم هم الذين يقاتلون في القوات المسلحة والشرطة واى مكان آخر، وهم الاحق بالريادة والقيادة .. هذا أيها السادة هو حديث راس الدولة وقائد الجيش، فماذا يكون حديث المواطن البسيط الذي يستمع إليه؟! * بل إنه يتجاوز كل الحدود، ويحرض على الآخرين الذين لا ينتمون إليهم ويصفهم بأنهم “ما بشبهونا، ولا يجب أن نسمح لهم بالحديث نيابة عنا وتمثيلنا” ! * إستمعوا إليه يقول: “انحنا في بلدنا دي محتاجين نتكاتف ونتعاون، وانحنا بالقدرات والامكانيات حقتنا دي، كان بشرية بس كان بني آدمين، ما بسيطة ولا ساهلة، ولا انحنا بالسهولة والهوان البسوقونا الناس ويقودونا، الولاية دي … التاريخ حق السودان كله مارق من هنا ده، من البجراوية ومن كبوشية ومن مروي والبركل ولغاية مملكة سوبا وعلوة، كله، جزء كبير من تاريخ السودان، أنحنا بنفتكر انو ناسنا ديل عندهم مساهمات كبيرة جدا في بنيان السودان، ومكانهم دايما الريادة ومكانهم دايما القيادة والمثل” ! * تأملوا هذه اللغة .. “أنحنا ما بالهوان البسوقونا الناس ويقودونا” ! * ويضيف محرضا: “أنحنا قبيل في زواج ناس كلي دي الزيجة 34 ، كل سنة ما انقطعت، قلت ليهم انتو معلمين، هنا ناس البلد دي فعلا معلمين بعلموا الناس العادات الطيبة والتكاتف والتعاون والتراحم بين الناس، انحنا محتاجين في الولاية دي انو نوحد كلمتنا ونقوى لحمتنا عشان نحفظ حقوقنا على الاقل، عشان نحفظ حقنا، أنحنا شايفين كتير من المشاكل وكثير من الاستهداف لابنائنا في كل مكان. * من الذي يستهدف ابناءكم، وهل ابناؤكم هم فقط من تتحدث عنهم يا رأس الدولة وقائد الجيش، أم كل ابناء الوطن الواحد وأهله .. من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه؟! * ويزيد قائلا: “انحنا ولايتنا فاتحة صدرها وفاتحة ابوابها وما عندنا لا بنفرز ده من وين ولا ده جنسه شنو، ولا ده، كلنا سودانيين بناكل سوا وبنشرب سوا، لكن برضو يجب انو يكون في حدود فاصلة بين حق الناس العام وبين الحق الخاص، انحنا والله لينا حق عندنا في البلد دي، دايما بنكلم الناس انو يا جماعة أنحنا عندنا شنو، الدولة قاعدة تقدم لينا شنو، في شنو المساهمات القاعدة تساهما معانا، الليلة انا كلمت كل الناس ديل انو الدهب بيمرق من هنا ده، الزراعة بتمرق من هنا ده، القوة البشرية ذاتها الناس البكاتلو في الجيش في الشرطة قي كل مكان مارقين مننا من هنا ده، يجب انو يكون انحنا صوتنا مسموع ما نسمح لناس تانيين يتكلموا نيابة عننا، ما نخلي ناس ما بمثلونا ولا بشبهونا” .. ! * لا ينكر أحد المساهمات التاريخية الكبيرة للشمالية ونهر النيل وغيرهما من ولايات السودان الأخرى، ولكن هل يُقال ذلك بتلك اللغة القبيحة التى تحدث بها مَن يفترض أن يمثل كل اهل السودان بحكم الموقع الذي يشغله كرئيس لمجلس السيادة وقائد للجيش، يجب ان يتحلى بالحكمة والرصانة والقول الحسن والفعل الجميل الذي يجمع ويوحد الناس، بدلا عن إشعال الفتن والاحقاد والصراع ، وكأننا في حاجة الى المزيد؟! * ولكن فيم الدهشة والاستغراب من شخص تلطخ في العهد البائد وبعد سقوطه، بالدماء والاوحال، وما جرائم دارفور وفض الاعتصام وقتل المتظاهرين السلميين بدم بارد إلا دليلا على ذلك، ولو لم يتحدث بتلك اللغة العنصرية القبيحة والتحريض على الفتنة، وتحقير الآخرين لكان ذلك هو الأدعى للدهشة والاستغراب ! * لو كان هذا الشخص في أي دولة أخرى، لما بقىَّ في منصبه يوما واحدا .. سواء رئيسا للدولة أو قائدا للجيش، بل كان مكانه قفص الاتهام .. أنت الذي لا تشبه أهل السودان ايها السفاح !

صحيفة الجريدة