للمرة الأولى منذ نحو (20) عاماً يعادل سعر صرف اليورو في الأسواق العالمية سعر صرف الدولار، ليحدث ذلك أمس للمرة الأولى منذ ديسمبر 2002، أي في قبل نحو 20 عاما، بينما تعادل في بورصة موسكو سعر صرف الدولار واليورو مقابل الروبل.
وتتلقى العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) ضغوطات بسبب مخاوف من حدوث ركود اقتصادي في منطقة اليورو، وسط أزمة الطاقة المستمرة والتوقعات برفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي في اجتماعه القادم خلال يوليو الجاري.
وعزا خبراء اقتصاديون، تعادل سعر صرف الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي لأول مرة منذ نحو عشرين عاما، الي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتى دفعت أمريكا وأوروبا الي فرض عقوبات اقتصادية على روسيا ارتدت آثارها على الغرب وامريكا بحدوث ارتفاع في التضخم وغلاء الاسعار ونشوب حرب العملات، بجانب أضرار الغرب وامريكا لزيادة سعر الفائدة لخفض التضخم ومنع هروب الودائع من البنوك، بينما قررت روسيا بيع الغاز والنفط بالعملة الروسية الروبل والتى ارتفع سعر صرفها لتساوي الدولار واليورو في التعاملات ببورصة موسكو.
وتوقع خبراء اقتصاديون، أن ينعكس تعادل سعر صرف الدولار واليورو ايجابيا علي اقتصادات الدول التى تربط عملاتها بالدولار ، بينما ستتأثر سلباً الدول المرتبطة باليورو، كما أن انخفاض اليورو سيشجع صادرات الدول الاوربية خاصة الصناعات التحويلية ، ويحد من ارتفاع معدلات التضخم بسبب الحرب فى اوكرانيا.
وقلل خبراء اقتصاديون، من تأثير تساوي سعر صرف الدولار الأمريكي واليورو(واحد يورو = واحد دولار)، علي الإقتصاد السوداني نتيجة لضعف التبادل التجاري بين السودان ودول الاتحاد الأوروبي، الي جانب ارتباط الإقتصاد السوداني بالدولار وبالتالي ستستفيد الدول المرتبطة بالدولار من انخفاض اليورو وتعادل سعر صرفه للدولار ايجابيا في تنافسية الصادرات، وانخفاض قيمة واردات السلع والخدمات من دول الاتحاد الأوروبي.
تداعيات انخفاض اليورو
ويري دكتور عبدالحميد اليأس مدير معهد البحوث والدراسات الإنمائية بجامعة الخرطوم، أن تعادل سعر صرف الدولار واليورو سينعكس ايجابيا على الدول المرتبطة بالدولار، بينما ستتأثر الدول المرتبطة باليورو سليبا في تعاملاتها.
واضاف دكتور اليأس: انخفاض اليورو قد يصعب من قدرة البنوك الاوربية فى السيطرة على التضخم نسبة لارتفاع اسعار الواردات بفعل انخفاض سعر اليورو المصحوب بارتفاع اسعار الطاقة المستورة، كما أنه نظريا انخفاض اليورو يشجع الصادرات الأوربية خاصة الصناعات التحويلية التى ستنافس في الأسواق العالمية ويسهم في الحد من ارتفاع معدلات التضخم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
الكاسب والخاسر
ومضى دكتور اليأس الي القول: يمكن القول اجمالاً ان الشركات والدول الاكثر تضرراً فى اوربا هى التى تعتمد على مدخلات مستورة بصورة كبيرة خاصة مواد الطاقة والكاسب الأكبر هي التى تعتمد على الصناعات التحويلية الموجهة للصادر.
التأثير على الاقتصاد السوداني
وحول تأثير تعادل سعر صرف الدولار واليورو علي الإقتصاد السوداني، أستبعد دكتور اليأس تأثر الإقتصاد السوداني بتعادل سعر صرف الدولار واليورو بسبب أن تجارة السودان مع اوربا محدودة للغاية وهنالك ضعف في التبادل التجاري بين السودان ودول الاتحاد الأوروبي، واضاف: إذا حدث تأثير سيكون محدودا.
وفي ذات السياق عضد دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي، من القول بضعف تأثير تعادل سعر صرف الدولار واليورو علي الاقتصاد السوداني نتيجة لضعف التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي.
واضاف دكتورهيثم: لا اعتقد ان الاقتصاد السوداني سيتأثر بانخفاض اليورو لأنه مرتبط بالدولار وليس باليورو، فسيبقي الحال كما هو عليه، فالذي انخفض اليورو وليس الدولار ،كما أن الصادرات السودانية معظم معاملاتها بالدولار وتعتمد علي الدول العربية وشرق اسيا وقليل من الدول الاوربية، فضلا عن ان مشكلة الصادرات السودانية ليس ارتفاع اليورو ، فالمشكلة عدم وجود اسواق أوربية لمنتجاتنا.
الضغوط على اليورو
ونوه دكتور هيثم محمد فتحى الي ان اليورو يواجه ضغوطا في الأسواق المالية منذ فترة طويلة لأسباب ناجمة عن تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية
التي أثرت على العالم ككل وأوروبا بصفة خاصة، كما ان البنك المركزي الاوروبي لم يتحرك الا تحركات محدودة للحفاظ علي نسب التضخم في القلرة العجوز
واضاف فتحي: اليورو شهد حالة من التأرجح بفعل حالة الغموض السياسي والاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، خاصة ان بريطانيا قد صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي 2016، مما تسبب في تراجع اليورو ولا تزال هناك حالة عدم يقين.
تحفيز الصادرات الي اوربا
وأكد دكتور هيثم، إن انخفاض قيمة اليورو يجعل الأسعار أكثر قدرة على المنافسة خارج منطقة اليورو، الأمر الذي سيحفز تصدير السلع والخدمات الأوروبية إلى الخارج، كما يخفف من ارتفاع أسعار المنتجات الاوربية خاصة علي الدول الاوربية التي يعتمد اقتصادها على الصادرات.
رفع سعر الفائدة
وتوقع دكتور هيثم محمد فتحي، أن يعمل البنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع، لكن ايضاً هناك احتمال حدوث ركود اقتصادي بسبب ارتفاع معدلات التضخم وعدم اليقين بشأن إمدادات الطاقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، كما أن انخفاض اليورو يجعل المستهلكين يزيدون نفقاتهم من أجل تغطية تكاليف المعيشة، وهذا الانخفاض ممكن ان يساهم في ارتفاع جديد في أسعار الطاقة والمواد الخام
اتجاه الاستثمارات للدولار
واضاف دكتور هيثم محمد فتحي: في تقديري عندما بدأت البنوك المركزية في اتخاذ سياسات تشديدية كان المركزي الأميركي أسرعهم وأكبرهم في معدل رفع الفائدة، وكان البنك المركزي الأوروبي أبطأهم حركة وحتى الآن متأخر في رفع الفائدة وبالتالي بدأت الاستثمارات تتجه إلى الدولار مما أثر علي قيمة اليورو مقابل العملات الاخري وخاصة الدولار الامريكي.
تقرير: ST