كان عمنا (جرتق ود حسن أبو ضرعات) وهو اسم حركي لا وجود له ، عندما تكون هناك (تحلية) مرفقة مع وجبة الغداء ، ومبعدة عن الصينية للتحلية بها بعد الغداء ، كان عند الانتهاء من الوجبات الرسمية ، يعجّل هو بالقيام من الصينية قبل غيره ثم يهرول نحو (التحلية) ليتناول ماعونها مسرعاً ثم يجلس في زاوية منفردة بعيداً عن الجماعة وهو (يحلق) حول صحن (التحلية) لينفرد به وهو يبرم في شاربه مانعاً غيره من الجلوس معه بقول يكرره كثيراً في مثل هذا الموقف : (دا شوط المدربين) ، أي لا يريد ان يتدخل احد في هذا الامر ليقوم بالتحلية وحده ، فهي خالصة له ، ونحن من حوله في انتظار ما يفرزه هذا الانفراد الخطير.
كنا نكتفي بالنظر لأن مقولة (شوط المدربين) كانت تبعدنا نهائياً عن هذا السباق الذي يبقى خالصاً لعمنا (جرتق ود حسن ابو ضرعات).
كان هذا الامر بالنسبة عنده لا مشاركة ولا تفاوض ولا مساومة فيه.
(2)
ثورة ديسمبر المجيدة دخلت بعد 30 يونيو الماضي الى مرحلة ما يطلق عليه في عالم كرة القدم (شوط المدربين)، وهو الشوط الثاني في المباراة الذي تظهر فيه بصمة المدرب وخطته بعد ان يكون الشوط الاول قد ترك للاعبين ليتحركوا فيه بحرية ويفعلوا فيه ما يشاءون ، اما الشوط الثاني الذي يطلق عليه (شوط المدربين) فهو شوط خالص للمدرب وهو شوط تكتيكي من الدرجة الاولى ، يتعامل معه الفريق باحترافية وحسابات محددة ، خاصة بعد ان يكون قد شاهد الفريق المنافس في الشوط الاول ووضع الكيفية المناسبة للتعامل معه في الشوط الثاني.
الشارع والشعب السوداني قدم شوطاً اول نموذجياً في مباراته الثورية الفريدة وحقق نتيجة ممتازة ولم يبخل في هذا الشوط لا بالغالي ولا بالنفيس على وطنه.
الآن نحن في الشوط الثاني من الثورة وهو شوط يجب ان يتدخل فيه الكبار والقيادات السياسية الرشيدة والأحزاب السودانية من اجل وضع الرسم المناسب للخلاص من الحكم العسكري.
هذا هو دوركم – هذا هو شوطكم فقد قدم الشعب السوداني كل غال ونفيس ولم يستبق شيئاً.
لا بد من تكتيكات جديدة تنهي (السيولة) التي يعيش فيها السودان.
البلاد الآن بدون دولة – تحكمها بعض المصالح المتقاطعة خارجياً وداخلياً – كلهم في الخارج والداخل يستنفدون ثروات البلاد وينهبونها.
لقد تلاقت مصلحة من هم بالداخل في القيادة الحكومية بمن هو في الخارج لينهبوا ثروات البلاد ويجففوها.
لا بد من تدخل وإنهاء لهذا الوضع الذي يمثل اللا دولة واللا حكومة – السودان محكوم بوضع اليد.
المؤسسات المدنية يجب ايضاً ان تتدخل ، لتظهر تكتيكات العصيان والاعتصام الذي ضرب اراضي ولاية الخرطوم اخيراً.
نعم هذه تكتيكات يمكن ان نطلق عليها تكتيكات (شوط المدربين) وهو الشوط الذي نريد ان نرى فيه خبرات ونضالات اهل السياسة والأحزاب.
التدخل الجراحي في بعض الاحيان امر لا بد منه والسودان في حاجة الى تدخل جراحي فوري.
حتى لا يضيع السودان وحتى لا نفقد الوطن يجب ان تتحركوا وتضاعفوا الضغط والحراك الثوري من اجل عودة الحكم المدني الذي نشتهى.
(3)
ليست الاحزاب السياسية وحدها المناط بها علاج هذه الازمات والعودة الى السلطة المدنية – المكونات والمنظمات المدنية والعملية كلها يجب ان تتدخل لإنهاء هذه الحالة.
ان لم نتوقف هنا فلن ينعدل الحال وسوف نستمر في هذه (السيولة) حتى نفقد الوطن بشكل تام.
العمال والأطباء والمهندسون والمعلمون والتجار والقوات المسلحة والشرطة وكل قطاعات المجتمع سوف تفقدوا الكثير ان لم تتدخلوا في هذا الوقت لتنهوا انقلاب 25 اكتوبر.
الثمن سوف يكون غالياً ان لم تدفع فاتورة الخلاص الآن.
الاعتصامات وحدها لن تسقط الحكومة – الشارع وحده ، سوف يدفع الكثير – لا بد من ان نضاعف من الضغط حتى يتم الخلاص بصورة نهائية ، ان لم ننه هذا الوضع خسائرنا سوف تكون عظيمة ربما نخسر الوطن كله.
تحركوا في (شوط المدربين) وتدخلوا فقد جاءت عوزتكم.
ننتظر تدخلاً (مدنياً) بصورة اكبر في الفترة الحالية لأن الصراع الآن صراع من اجل (المدنية).
لا تبخلوا على (المدنية) بالحراك المدني بعد ان تم الحراك الثوري بنجاح كبير.
(4)
بغم /
انتبهوا حتى لا تتحول القوات المسلحة الى مجرد (حزب سياسي) بالبزة العسكرية.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة