لسنوات طوال، ظلت قضية تصدير إناث الإبل محل جدل بين مختلف الجهات، ففي الوقت الذي لا تسمح فيه الحكومات بصادر الإناث، يقول مصدِّرين إن تصديرها أفضل من المنع، ولكل طرف مبرراته وأسبابه.
وتبرِّر السلطات منع تصدير إناث الابل، لتخوُّفات من فقدان السلالات السودانية لجهة كونها غير مسجلة عالمياً، كما أن السماح بالتصدير من شأنه إلحاق الضرر بالقطيع القومي، ولكن في الاتجاه المقابل، يقول مصدِّرين إن التصدير ينبغي أن يسمح الإبل، خاصة التي يثبت الفحص البيطري أنها “غير منتجة” أي لا يرجي تكاثرها، كما أنها ليست إبل لحوم ولا ألبان، ولا يستفاد منها إلا في سباقات الهجن المرغوبة في دول الخليج.
خسائر منع الصادر
وبسبب منع التصدير، يعاني منتجين وملاك الإبل بالسودان من ضياع فوائد كبرى عليهم، لجهة أن الإبل مطلوبة ومرغوبة لسباقات الهجن خاصة بدول الخليج، فيما تغلق الحكومة الباب أمام استفادتهم منها بالتصدير، فتظل مملوكة لهم بلا جدوى، لكونها ليست منتجة في المقام الأول، لا من الألبان ولا اللحوم، كما لا يمكن الاستفادة منها داخلياً لعدم انتشار ثقافة سباقات الهجن مثلما يحدث بدول الخليج على سبيل المثال، وهو المطلب الذي بسببه تتزايد دعوات المنتجين والمصدِّرين بالسماح بتصدير الإناث وفق ضوابط تشمل الفحص البيطري الذي يؤكد أنها “غير منتجة.
وقبل نحو عامين وحينما شرعت الحكومة في تصدير الإناث حرَّك المقرِر السابق لشُعبة الماشية الحيَّة خالد علي محمد خير، إجراءات دعوى بلاغ لدى النائب العام ضد وزارة الثروة الحيوانية بخصوص تصدير إناث الإبل وحينها قال خالد، إنّ التصدير مخالف لقرار رئيس مجلس السيادة بمنع صادر إناث الإبل بشكل عام، ممّا يُشكِّل خطراً وتهديداً للموارد الاقتصادية التي دعت لها الوثيقة الدستورية بالمُحافظة على الموارد، واتّهم الوزارة باستخراج تصاديق لتصدير كميات من إناث الإبل بدعوى أنها غير مُنتجة وبكميات كبيرة، وشدَّد على أن تلك السلالات السودانية غير مسجّلة عالمياً في الملكية الفكرية، واعتبر ذلك يشير لاستمرار نفس مُمارسات النظام السابق التي كانت تعمل على إهدار الموارد الطبيعية.
وفي العام 2018م، أصدرت الحكومة قراراً بتصدير إناث الإبل وبرَّرت له بأنه سليم (100%)، لأنه مدروس ويراعي مصلحة الوطن والمواطن.
وجاءت تأكيدات رسمية بعدم وجود مشاكل وعقبات في عملية تصديرها، حيث تم إصدار القرار الذي يسمح بتصدير إناث الحيوانات بعد دراسات علمية مستفيضة بجانب مروره بمراحل قانونية، فضلاً عن تكوين لجنة فنية والقطاع الاقتصادي وخبراء ومختصين في المجال، حيث ثبت أن التحورات والجينات الوراثية في الذكور وليس الإناث، على أن يسمح بتصدير نوعين من الإبل ممثلة في الهجن وغير المنتجة، وذلك يرجع إلى تغيير استخداماتها في السابق بسبب التطوُّر وتقدُّم الدول حيث كانت تستعمل في السابق في العادات الاجتماعية مثل الأعراس والفزع.
تصدير للهجن
يرى الخبير الاقتصادي د.الفاتح عثمان، أن إناث الإبل مطلوب لسباق الهجن في دول الخليج والهجن المميَّزة لن تباع بسعر عادي ومعظم إناث الإبل في السودان تنتمي لسلالات عادية جداً من حيث إنتاج اللبن أو اللحوم، ويضيف: لكن الإبل البشارية مميَّزة في سرعتها وهي المطلوبة لسباق الهجن، منوِّهاً إلى أن إناث الهجن المميزة في سرعتها تباع عادة بمبالغ كبيرة جداً قد تقترب من مليون دولار، للهجن المميَّزة جداً، وقال: إذن لا خوف على السلالات السودانية من الإبل، لكن يجب منع تصدير إناث الضأن خاصة الحمري والماعز خاصة الأسود منها، لأنها سلالات مميَّزة جداً ويجب على السودان الإبقاء عليها في السودان، ومضى قائلاً: أي على الحكومة السودانية رعاية مراكز لتوليد السلالات المميَّزة من إبل السباق وتجهيزها للتصدير لدول الخليج.
إعادة النظر
فيما طالب الباحث الاقتصادي د.هيثم محمد فتحي، بضرورة النظر في صادر إناث الإبل التي تستخدم في سباقات الهجن باعتبار أنها غير منتجة، خاصة مع اعتماد شرائح كبيرة في المجتمع السوداني على تربية هذا النوع لبيعها في الدول العربية التي تستخدمها في السباقات، على الحكومة العمل على تسهيل الإجراءات لتقليل ظاهرة التهريب مع مراعاة تصدير الإناث بنسبة لا تتجاوز (25%) وبصفات جينية محدَّدة ومراقبة الحدود وذلك باستخدام الأطواف التمشيطية وزرع المصادر في أوساط المهرِّبين وتحفيز القوة القابضة مع تشديد عقوبة التهريب للحد من الظاهرة خصوصاً لو كانت إناث الإبل هي المهرَّبة.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة