* لدي اعتقاد أنك إذا أردت أن تزيد من جماهيريتك ككاتب أو ناقد أو سياسي في مجتمعاتنا الشرقية فإنك تحتاج بالضرورة للتزود بقدر من الغباء والتخلص من نسبة مقدرة من الوعي..
* لأنه ببساطة فإن عبارة (الرأي العام) تحمل نفس معنى عبارة (المزاج العام) في واقعنا، وهذا يعني أن (الرأي) هو (المزاج) ومن يحب أن يتمكن من مخاطبة الرأي العام بالشكل المثالي في الإفصاح والتعبير وكسب حماس الناس فعليه أن يتحلى بقدرات عالية لمواكبة المزاج العام وليس مصادمته ومحاولة تصحيحه أو تغييره..
* وهذه ورطة كبيرة تواجه السياسيين حاكمين أو معارضين لأنهم يخاطبون أمزجة الشارع حين يقومون بالتعبئة السياسية..
مصطفى عثمان حين سأله الأستاذ أحمد البلال الطيب في برنامجه التلفزيوني عن هجومه ونقده اللاسع لحزب الأمة في ندوة طلابية بعد الاعتداء الذي حدث لبروف غندور في دار حزب الأمة قال إنه لم يتعد حدود اللياقة في نقده للحزب، لكنه كان مضطرا لأن يخاطب طلاب حزبه باللغة التي تناسب المنابر الطلابية وهم على أبواب انتخابات..
* أي أنه لا يخاطر ويفكر في مخاطبة عقولهم بل يخاطب مزاجهم حسب الحالة والمنبر..!
* ومثل عبارة (لكل مقام مقال) تجدها تحمل أحيانا مدلولات مهمة في تنظيم مجالس الناس حسب مقاماتهم، وهذا من التهذيب، لكن بالمقابل يتم تفسيرها لتبرير النفاق في القول والقفز بين المواقف..
* أنت سياسي شرقي فهذا يعني أنك تمتلك وجهين أحدهما للخاصة والآخر للعامة.. وهذه ليست هي المشكلة الكبيرة ، المشكلة أن هذين الوجهين قد يتصادمان في لحظة ما وتضطر أنت للهروب منهما معا مثلك مثل سائق وقع في حادث مروري ولم يكن يمتلك رخصة قيادة..
* طالعت مقالا لحيدر إبراهيم أمس ينتقد الحكومة بارتياح وينتقد المعارضة بحذر.. لأن (المزاج العام) الغالب في فضاء المعارضة – وليس (الرأي العام) – هو مزاج متطرف ولذلك فإن موقف الترابي والصادق وغازي وغيرهم من الذين وافقوا على الدخول في الحوار هو موقف أصعب وأكثر إحراجا لهم مع وجههم الثاني من موقف قيادي معارض آخر أراح نفسه وألقى بنظرة – حتى ولو نظرة إلكترونية – من على شرفة شارع المعارضة فوجد أن الموقف الأكثر أمانا له مع هذا الشارع هو موقف رفض الحوار..
* رفض الحوار بالنسبة لأي سياسي معارض أسهل بكثير من القبول بالحوار لأنه ـ أي هذا السياسي ـ حين يوافق على الحوار فإن ذلك يعني أنه قرر كشف نفسه وإحراجها أمام الوجهين اللذين أحدثكم عنهما.. وجه الخاصة ووجه العامة..
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي