اضطرابات النوم أو قلة النوم من أمراض العصر، ولذلك نتائج خطيرة قد تصل إلى الموت المبكر، نقدمها في هذا التقرير، مع نصائح للحصول على نوم جيد والتعامل مع اضطرابات النوم في زمن الكورونا، وإرشادات لقيلولة صحية.
قلة النوم
قلة النوم -وتعرف أيضا باسم “الحرمان من النوم” (Sleep Deprivation)- تعني ألا تحصل على قسط كاف من النوم.
بالنسبة لمعظم البالغين، فإن مقدار النوم اللازم لصحة أفضل هو من 7 إلى 8 ساعات كل ليلة، وذلك وفقا لمستشفى سيدار سيناي (Cedars-Sinai) في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة.
إنفوغراف أسباب قلة النوم
أسباب قلة النوم
الحرمان من النوم ليس مرضا محددا، وعادة ما يكون نتيجة لأمراض أخرى أو لظروف الحياة.
من الأسباب المحتملة لقلة النوم:
تغيير الجدول الزمني.
حدث جديد في الحياة، مثل ولادة طفل جديد.
التوتر.
اضطرابات النوم، مثل: الأرق، والإصابة باضطراب توقف التنفس أثناء النوم (Sleep apnea).
متلازمة تململ الساقين.
الشيخوخة، يعاني الأشخاص الأكبر من 65 عاما من صعوبة في النوم بسبب الشيخوخة أو الأدوية التي يتناولونها أو المشكلات الصحية التي يعانون منها.
الاكتئاب.
الفصام.
متلازمة الألم المزمن.
أمراض مثل السرطان والسكتة الدماغية وألزهايمر.
أعراض قلة النوم
في البداية، قد يتسبب الحرمان من النوم في ظهور أعراض طفيفة، لكن بمرور الوقت، يمكن أن تصبح هذه الأعراض أكثر خطورة.
قد تشمل أعراض قلة النوم ما يأتي:
النعاس.
عدم القدرة على التركيز.
مشاكل الذاكرة.
ضعف القوة البدنية.
ضعف القدرة على محاربة الالتهابات.
ماذا ينتج عن قلة النوم
مخطئ من يعتقد أن قلة النوم يمكن تعويضها لاحقا، فالأضرار الناجمة عن ذلك مباشرة ومستمرة مهما حاول الإنسان تداركها فيما بعد. وتكفي ليلة واحدة لا نحصل فيها على قسط واف من النوم لإحداث اضطرابات عصبية ونفسية، خاصة إذا كنّا نعمل في اليوم التالي، وفقا لتصريحات الدكتور هانس غونتر فييس، رئيس المعهد الألماني لطب النوم (DGSM) التي أدلى بها لوسائل الإعلام الألمانية، ونقلتها دويتشه فيله في تقرير.
لكن متى يمكننا القول إننا حصلنا عن قسط كافٍ من النوم؟ وهل يمكن حساب ذلك بالساعات؟
يردّ الخبير الألماني الذي ألف كتابا حول الموضوع بعنوان “النوم يحقق المعجزات”، بالقول إنه لا يمكن تحديد ذلك بالساعات، وإنما العامل المحدد هو الجينات، مما يعني أن كل واحد منّا عليه مراقبة جسده لاستخلاص عدد الساعات التي يحتاجها للنوم. ومع ذلك هناك معدل تقريبي يقدّر بـ7 ساعات من النوم للرجال، فيما تحتاج النساء إلى 20 دقيقة إضافية.
متى تصبح قلة النوم خطرة؟
هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه بحسم. مع ذلك ينصح الخبراء مَن واجه مشاكل في النوم 3 مرات في الأسبوع ولمدة شهر، بالذهاب فورا إلى الطبيب.
بالطبع قلة النوم تدخل ضمن مشاكل العصر الحديثة، وهي أكثر شيوعا في الدول المتقدمة، حيث ضغوط العمل أكثر حدة مقارنة بالمجتمعات الأخرى. لكن انتشار الهواتف الذكية أثر بدوره على جودة النوم، وذلك على مستوى عالمي، حتى بات الهاتف الذكي عاملا “تخريبيا” للنوم الصحي، وذلك بسبب “معدل الضوء الأزرق للشاشات الذي يؤثر سلبا على إفراز هرمون الميلاتونين” المسؤول عن النوم، وفق الأطباء.
أضرار قلة النوم
ويمكن تلخيص الأضرار الناجمة عن قلة النوم في التالي:
ضعف الجهاز المناعي
قلة النوم بمعدل ساعتين طوال أسبوعين كافية لإحداث خلل في الجهاز المناعي، ومن الأعراض الشائعة التعرض لنزلة البرد باستمرار. يقول المختص في طب النوم الألماني الدكتور هانز جونتر فييس إنه وفق دراسات أجريت في معهده “كل شخص من اثنين يتعرض لنزلة برد بسبب قلة النوم”.
تقليل القدرات الذهنية
قلة النوم تؤثر بشكل مباشر على القدرات الذهنية للمرء وتحدّ منها. هذا ما تظهره جليا الإحصاءات الرسمية التي تشير إلى أن أعداد ضحايا حوادث السير بسبب ضعف التركيز أعلى بكثير من التي يكون سببها تناول الخمور عند قيادة السيارة.
زيادة الوزن
قلة النوم تحدث اضطرابات في الهرمونات، مما يتسبب في زيادة الوزن، كما أن قلة النوم تنمي الرغبة في تناول الطعام، والسبب الزيادة في إفراز هرمون “غريلين” المسؤول عن الإحساس بالجوع.
مشاكل نفسية
من الأعراض المعتادة لقلة النوم الاضطرابات النفسية والاكتئاب، ولدى البعض حالات الخوف المرضي. ويصنّف الأطباء اضطرابات النوم في صدارة أعراض أمراض الاكتئاب.
الموت المبكر
قلة النوم ترفع من خطر الموت المبكر، لأن الجسم لا يصل إلى مستوى الراحة المنشود. كما أن الأمراض المذكورة آنفا من شأنها -في حال أصيب المرء بإحداها- الزيادة من خطر الموت المبكر. وهذا أيضا ينطبق على الذين يبالغون في النوم.
تأثير قلة النوم على الدماغ
أظهرت الدراسات الحديثة التي أجريت على البشر والفئران أن السهر لوقت متأخر والحرمان من النوم قد يسببان تلفا طويل الأمد للدماغ.
وفي تقريره الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية، قال الكاتب أوليفر وانغ إن مراجعة بحثية نشرت في مجلة “اتجاهات علوم الأعصاب” (Trends in Neurosciences) حول التأثيرات العصبية الطويلة المدى للحرمان من النوم لدى كل من الحيوانات والبشر؛ أشارت إلى أدلة متزايدة على أن قلة النوم تؤدي على الأرجح إلى تلف طويل الأمد في الدماغ وزيادة خطر الاضطرابات التنكسية العصبية مثل مرض ألزهايمر.
ويبين الكاتب أن فترات الحرمان الشديدة من النوم ضارة بالصحة، فقد استخدم الأرق القسري لعدة قرون أداة عقاب وتعذيب. وفي أول دراسة تجريبية عن الحرمان من النوم -نشرتها العالمة الروسية ماريا ماناسينا عام 1894- أجبرت جراء على البقاء مستيقظة من خلال التحفيز المستمر، فماتت في غضون 5 أيام. وعند فحص أجسادها بعد ذلك، لاحظت ماناسينا أن “الأوعية الدموية نزفت وتآكلت الأغشية الدهنية”، وخلصت العالمة إلى أن “الحرمان التام من النوم أخطر من الحرمان التام من الطعام”.
وأجرت المراجعة البحثية الدكتورة سيغريد فيسي، عالمة الأعصاب بجامعة بنسلفانيا، والباحث زاكاري زامور.
وقال الكاتب أوليفر وانغ إن الحرمان من النوم أدى إلى موت الخلايا في أدمغة الفئران بعد أيام قليلة من تقييد النوم، وهي بداية أقرب بكثير لتلف الدماغ مما كان يعتقد سابقا، كما تسبب أيضا في حدوث التهاب في قشرة الفص الجبهي وزيادة مستويات بروتينات تاو والأميلويد، التي تم ربطها بأمراض مثل مرض ألزهايمر وباركنسون.
أضرار قلة النوم على القلب
بمرور الوقت، يمكن أن تضرّ مشاكل النوم بصحة قلبك، وذلك وفقا للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية.
من أسباب قلة النوم الإصابة بتوقف التنفس أثناء النوم (انقطاع النفس النومي)، ويحدث عندما يتم انسداد مجرى الهواء بشكل متكرر أثناء النوم، مما يتسبب في توقفك عن التنفس لفترات قصيرة من الوقت. يمكن أن يحدث انقطاع النفس النومي بسبب بعض المشاكل الصحية، مثل السمنة وفشل القلب.
ويؤثر انقطاع النفس النومي على كمية الأكسجين التي يحصل عليها جسمك أثناء النوم، ويزيد من خطر الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتة الدماغية. وهو أكثر شيوعا بين السود واللاتينيين والأميركيين الأصليين منه بين البيض.
أيضا يرتبط الأرق بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي قلة النوم أيضا إلى عادات غير صحية يمكن أن تؤذي قلبك، بما في ذلك ارتفاع مستويات التوتر، وقلة الدافع لممارسة النشاط البدني، وخيارات الطعام غير الصحية.
صداع قلة النوم
وجد العلماء صلة واضحة بين قلة النوم والصداع النصفي وصداع التوتر، وذلك وفقا لتقرير في هيلث لاين (healthline).
ويبدو أن قلة النوم تقلل من عتبة الألم في الجسم، مما يجعله أكثر عرضة للصداع.
أسباب قلة النوم عند كبار السن
يعاني الأشخاص الأكبر من 65 عاما من صعوبة في النوم بسبب الشيخوخة أو الأدوية التي يتناولونها أو المشكلات الصحية التي يعانون منها.
قلة النوم للحامل
تقول جامعة جونز هوبكنز إنه وفقا لدراسة، فإن النساء اللواتي لا يحصلن على قسط كاف من النوم أثناء الحمل قد يتعرضن لمخاطر أكبر للإصابة بمضاعفات الحمل، بما في ذلك:
تسمم الحمل (Preeclampsia).
سكري الحمل.
الولادة الأطول واحتمال الولادة القيصرية، خاصة بين النساء اللواتي ينمن أقل من 6 ساعات على مدار 24 ساعة.
هل قلة النوم تسبب كثرة التبول
في دراسة قام الباحثون بفحص الأنماط البولية للمتطوعين المحرومين من النوم، ووجدوا أن قلة النوم تؤدي إلى زيادة إنتاج البول وزيادة الملح فيه، وذلك وفقا لموقع ساينس ديلي (sciencedaily).
اضطرابات النوم في زمن كورونا.. أسباب وحلول
شهدت الآونة الأخيرة ارتفاع معدلات الإصابة بالأرق وصعوبات النوم بسبب التوتر النفسي الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”. ويعرض تقرير لوكالة الأنباء الألمانية بعض التدابير البسيطة يمكن للمرء مواجهة هذه الصعوبات لينعم بنوم هانىء ومريح.
وقال الدكتور هانز جونتر فييس، أخصائي طب النوم الألماني، إن جائحة كورونا تسببت في ارتفاع معدلات الإصابة باضطرابات النوم، وذلك بسبب المخاوف بشأن الصحة والأوضاع المادية وغياب التواصل الاجتماعي؛ حيث تؤدي هذه العوامل إلى الإصابة بالتوتر النفسي، الذي يعد العدو اللدود للنوم الهانىء والمريح.
العمل المنزلي
من جانبها أشارت الدكتورة دورا تريشيه، أخصائي طب النوم الألماني، إلى أن العمل من المنزل ساهم أيضا في ارتفاع معدلات الإصابة باضطرابات النوم، موضحة أنه عندما يظل المرء داخل المنزل لوقت طويل، فإن الجسم لا يدرك التحول الضوئي بين النهار والليل على نحو جيد، ومن ثم لا يشعر المرء بالتعب ليلا، ما يمهد بدوره الطريق للإصابة بالأرق.
ولمواجهة اضطرابات النوم والحصول على نوم هانئى وخاصة في زمن كورونا ينصح بالتالي:
الابتعاد عن العوامل المسببة للتوتر النفسي والأرق؛ حيث ينبغي عدم وضع المكتب المنزلي في غرفة النوم.
ينبغي اتباع إيقاع نوم/استيقاظ محدد وثابت.
من المفيد أيضا اتباع بعض الطقوس قبل النوم مثل شرب كوب حليب دافيء أو كوب شاي بالعسل، في حين ينبغي عدم شرب القهوة في المساء لتأثيرها السلبي على جودة النوم. وبشكل عام ينبغي الإقلال من السوائل مساء لتجنب الاستيقاظ ليلا من أجل التبول.
من المهم أن تشكل غرفة النوم بيئة مثالية للنوم؛ حيث ينبغي أن تكون الغرفة مظلمة ويسودها الهدوء وذات درجة حرارة مناسبة للشخص، تتراوح عامة بين 15 و18 درجة مئوية.
يراعى عدم التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية كالهاتف الذكي والتلفاز قبل الذهاب إلى الفراش بنحو ساعتين على الأقل؛ نظرا لأن الضوء الأزرق يتسبب في تثبيط هرمون “الميلاتونين” اللازم للنوم.
يلعب السرير المناسب دورا مهما في التمتع بنوم هانيء ومريح؛ حيث ينبغي أن يكون السرير ذا ارتفاع مناسب بحيث لا يكون عاليا جدا أو منخفضا للغاية، في حين ينبغي أن تكون المرتبة صلبة بقدر كاف بحيث لا “يغرق” فيها المرء أثناء النوم، مع مراعاة تغيير المرتبة كل 8 إلى 10 سنوات على أقصى تقدير.
تشغيل الفيديو
نصائح للقيلولة
من جهتها أشارت مجلة “فرويندين” الألمانية إلى أن القيلولة تساعد المرء على إعادة شحن طاقته خلال النهار، فضلا عن أنها تقلل من مستويات التوتر والضغط العصبي. وأشارت المجلة الألمانية إلى بعض الأخطاء التي ينبغي تجنبها للاستمتاع بقيلولة مثالية.
وأوضحت المجلة الألمانية أنه لا يجوز أخذ قيلولة بعد الساعة الثانية ظهرا، لأن ذلك قد يزيد من صعوبة النوم ليلا، بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون هناك فترة محددة للقيلولة، مع التخطيط لوجود 30 دقيقة أخرى إلى أن يتم استعادة التركيز بالكامل بعد الاستيقاظ، نظرا لأن المرء غالبا ما يكون نعسانا وبطيئا بعد القيلولة.
وقد يكون من المغري النوم لمدة أطول من 25 دقيقة في القيلولة، إلا أن النوم لفترة أطول لا يساعد على تحقيق الاسترخاء واستعادة النشاط والحيوية، نظرا لأنه يتم الانتقال إلى مرحلة النوم العميق بعد مرور نصف ساعة، ولذلك قد يشعر المرء بالكسل إذا زادت مدة القيلولة على 25 دقيقة.
وقد يتمكن بعض الأشخاص من النوم خلال فترة الظهيرة في أي مكان، ولكن يحتاج معظم الأشخاص إلى أجواء مناسبة قبل أن يتمكنوا من النوم، ولذلك من الأفضل اختيار غرفة مظلمة وهادئة ومريحة، كما يمكن الاستعانة بسدادات الأذن أو أقنعة النوم، في حالة وجود ضوضاء أو أجواء ساطعة في البيئة المحيطة.
ختاما هناك بعض الحالات التي ينبغي على المرء فيها التخلي عن القيلولة، مثلا عند الاستيقاظ متأخرا من النوم في الصباح أو عند الرغبة في الخلود للنوم مبكرا، نظرا لأن القيلولة قد تجعل النوم صعبا أثناء الليل، ويتعين على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم بصفة عامة التخلي عن القيلولة، وعند الشعور بإرهاق شديد غير عادي خلال النهار يمتد فترة طويلة من الزمن فإنه من المستحسن استشارة الطبيب المختص.
المصدر : الجزيرة