الدعوات الانفصالية في السودان

في تاريخنا الحديث حاربت الحركة الشعبية لتحرير السودان والمعروفة اختصارا بـ ( splm) وجناحها العسكري ( spla) وهو الجيش الشعبي لتحرير السودان قرابة 60 عاما أو يزيد منذ تمرد حامية توريت في منتصف القرن الماضي، وإلى أن نال الجنوب إستقلاله بتصويت حر في العام ٢٠١١م، بين خياري الوحدة أو الانفصال.

الحركة الشعبية الجناح السياسي والجيش الشعبي لتحرير السودان وليس لتحرير جنوب السودان، بقيادة جون قرنق، لم ترفع شعار الانفصال إنما شعاراتها كانت لأجل كل السودان ووحدته (السودان الجديد). ومن المعروف أن السيد جون قرنق كان رجلا وحدويا وقد يكون هذا السبب الذي تواتر أنه كان وراء أجندة اغتياله بعد حادث الطائرة اليوغندية وتحطمها في قمة أحد جبال الجنوب.

كل هذه السنوات والخسائر في الأنفس والثروات والممتلكات وموارد البلاد لم تستطيع أن تبت في أمر تحرير السودان الذي كانت تتبناه الحركة الشعبية وتم ذلك بواسطة اتفاقية سلام الجنوب في مشاكوس بكينيا والتي أيدت وقطعت بحق تقرير المصير لجنوب السودان في أحد بروتكولاتها. وكانت وحدة هذا البلد ممكنة لولا رحيل د.جون قرنق وتولي قيادة جديدة للحركة الشعبية تحبذ الانفصال والذي جاهد الشمال وبقية أجزاء الوطن والحكومة آنذاك حتى لا يحدث بل تم إنشاء صندوق دعم الوحدة الذي ساهم في تمويله كل الشعب السوداني من أجل جعل الوحدة جاذبة وقد قام الصندوق بعمل مشاريع وفعاليات أخرى حتى تتجنب البلاد الانفصال ولكن بالاقتراع ورغبة أهل الجنوب صوت أغلبيتهم للانفصال وقد خضع الجميع داخليا وخارجيا لهذه الرغبة واحترمها وكان لهم ما أرادوا وانفصل الجنوب ليكون دولة جنوب السودان الوليدة.

لم يجرم أحد الجنوبيين في اختيارهم الانفصال بل رحب الجميع برغبتهم وتم تنفيذها.
الآن هناك أصوات نسمعها ولا نستطيع إنكارها تنادي بما يسمى دولة النهر والبحر وتنادي بفصل شمال ووسط وشرق السودان لتكون دولة مستقلة وهذا الأمر أو المطلب المتنامي لا يجب أن ينظر له باعتباره مطلبا عنصريا أو نعته بأية صفة، بل يجب احترامه ومناقشة المنادين به والاستماع إلى آرائهم من قبل الدولة ومن قبل الأحزاب وحتى المناطق المستهدفة يجب خضوع الأمر للدراسات العلمية وللنقاش الهادف على اعتبار أنه رأي يجب احترامه ومهدد قد يعتبره البعض لوضع الخطط ولو على سبيل صندوق دعم الوحدة لتكون جاذبة ومناقشة مسببات هذا النداء.

ولو لاحظنا نجد أن هذه الأحداث بدأت بعد توقيع اتفاقية سلام جوبا وإفرازاته وهذا شيء طبيعي يجب على الكل الجلوس فلا شيء غير الحوار يجعل المستحيل ممكنا.

بقلم/ محمد الحافظ حامد

Exit mobile version