في خطوة مفاجئة وتسارع في وتيرة الأحداث بشرق السودان أعلن رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام لنظارات البجا، محمد الأمين تـِرِك، في اجتماع عقده بضاحية أركويت شرق السودان تجميد أمانات وصلاحيات المجلس كافة، وقرَّر تسليم أختام المجلس وأوراقه المروَّسة لواليي البحر الأحمر وكسلا، إلى حين عقد المؤتمر العام الشهر المقبل، لاختيار أمانات ورئاسة جديدة للمجلس.
يذكر أن المجلس الأعلى لنظارات البجا، الذي يرأسه محمد الأمين تِرِك زعيم قبيلة الهدندوة، يضغط في اتجاه إلغاء مسار الشرق، حيث نفذ أنصاره إغلاقاً شاملاً لشرق السودان امتد نحو 3 أسابيع، قبل رفعه تجاوباً مع وساطات محلية وخارجية، لكنهم أمهلوا السلطات في الخرطوم شهراً لتنفيذ المطلب، وطالب تِرِك حكومات ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف بشرق السودان بعدم اعتماد أي خطاب يصدر من قيادات مجلس البجا والعموديات المستقلة .
الأمر الذي اعتبره عبد الله أوبشار، أحد قيادات المجلس بأنه اجتماع أهلي ولا يمثِّل المجلس الأعلى لنظارات البجا، بل قال إنهم لن يسلِّموا أي أختام لواليي البحر الأحمر وكسلا، لأن المجلس لا يتبع لهما.
نذر انقسام
ونبَّه مراقبون إلى بوادر انقسام وشيك بين قيادات البجا بالشرق، قد تعصف بوحدتها، وقد تدفع الأوضاع باتجاه أزمة جديدة ومواجهة مرتقبة مع أطراف في السلطة العسكرية الحاكمة للبلاد.
وقاد المجلس الأعلى لعموم نظارات قبائل البجا، بزعامة، محمد الأمين تِرِك، احتجاجاً بإغلاق الموانئ والطرق الرئيسة التي تربط الشرق بالعاصمة الخرطوم لأشهر، ما شكَّل ضغطاً كبيراً على الحكومة المحلولة.
وقال المجلس في البيان إنه «ظل يتصدى لكل المؤامرات الداخلية والخارجية والدسائس التي تحيكها السلطة المركزية، التي تريد بالإقليم شراً، وأضاف البيان أن المطالب التي رفعها المجلس بإلغاء مسار اتفاق شرق السودان في اتفاقية جوبا للسلام أصبحت تشكِّل مهدِّداً لجهات نافذة في الدولة تمارس سياسة فرق تسد عبر الإغراءات وشراء الذمم، تمهيداً لتمرير المسار المشؤوم وبيع وخصخصة الموانئ وضرب النسيج الاجتماعي». وأشار البيان إلى أن هذه الجهات وراء التآمر لحل المجلس الأعلى أو تجميده وإقالة واعتقال قياداته.
وأعلن البيان رفضه القاطع للجنة التي شكَّلها مجلس السيادة الانتقالي، ووصفها بغير المحايدة وشدَّدت قيادات المجلس على التمسُّك بمقرَّرات مؤتمر «سنكات» التي نصت على إلغاء مسار السلام الموقع في اتفاقية «جوبا» للسلام.
أمن البلاد
وقال تِرِك في تصريحات لقناة (العربية/الحدث)، إن قرارات التجميد جاءت حفاظاً على أمن البلاد بعد تصاعد خطابات داخل المجلس وصفها بالمشينة والمعيبة، وألمح تِرِك إلى أن علاقتهم مع نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي وصفها بالجيِّدة، لا تمنع من المطالبة بضرورة إلغاء مسار الشرق الوارد في اتفاق جوبا.
نهاية أدوار
وعلَّق عضو الأمانة العامة لقوى الحرية والتغيير، وعضو المكتب التنفيذي للجبهة الشعبية فؤاد شاويش لـ(الصيحة) قائلاً: إن تفسير خطوة “تِرِك ” حل وتجميد صلاحيات المجلس الأعلى للبجا؛ لأن بعض مكوِّنات المجلس كانت في الأساس مصنوعة صناعة لمهام خاصة وتأدية ولعب أدوار لا أكثر، وزاد: وكان لهم “مانديت” عنصري وإقصائي، لذلك كنا نتوقع أن يصلوا إلى هذه المرحلة التي وصلوا لها، وقال: أعتقد أدوارهم الآن انتهت، وأوضح شاويش على الناظر “تِرِك” أن يَترُك هذه المجموعة التي يتشكَّل بعضهم من الموالين لجهات محرِّضة، ليبثوا خطابات الكراهية والتحريض، وأضاف: لكن أرى أن “تِرِك” أصبح الآن يمضي بعيداً ويتبنى خطاً جديداً وخطاباً سياسياً مختلفاً.
مابين الحكومة والبجا؟
أوضح شاويش أن اللجنة الحكومية معنية ومُكلَّفة فقط بترسيم الحدود الإدارية، والتي تعد أحد مهام الدولة، وزاد: لا يوجد مايسمى بحدود مسارات أو حدود قبائل ونظارات، وإلا اتجه كل السودان إلى المطالبة بتقسيم حدود وفقاً للرقعة الإثنية، وأوضح أن اللجنة الفنية المُكلَّفة سبق وتوافقت عليها كل المكوِّنات الأهلية في الشرق، وأوضح شاويش أن المنصة التي يقودها تِرِك انتهت، وزاد: لا أقصد بالمنصة المكوِّن القبلي (البجا) الذي يقوده الناظر “تِرِك”، وإنما أقصد المجموعة السياسية التي تشكِّل مجلس نظارات البجا.
وأشار إلى أن الحكومة العسكرية تعاملت مع المجلس بعقلانية، حفاظاً على الوضع العام في السودان، وحفاظاً على التعايش السلمي في الشرق.
وقال شاويش: أعتقد أن مايحدث في الشرق الآن انعكاس للصراع الموجود في المركز حالياً، وأتهم جهات لم يسمها بنقل الصراع من دارفور إلى الشرق نسبة إلى هشاشة المنطقة، وقال: إن خطوة تِرِك جاءت في الوقت المناسب، وقال: إن تجميد صلاحيات المجلس تعني فض الشراكة، يعني لا وجود مستقبلاً للمجلس مرة ثانية، وأضاف: المجلس في الأصل مجلس الرجل الواحد أو (الناظر) الواحد وأن أغلب المراقبين تنبأوا سابقاً بنهايته و هذا ماحدث.
شهادة وفاة
تساءلت القيادية بالجبهة الثورية، ستنا محمود آسرتا: هل للمجلس أي شرعية أو قانونية تستند عليه؟ ومتى كان جسماً رسمياً حتى تُجمَّد صلاحياته لحين قيام مؤتمر عام.
وقالت: من وجهة نظري لا وجود للمجلس على أرض الواقع، ولكنها عادت وقالت: إن الناظر تِرِك شخص وقيادي مؤثر وله وجوده في الشرق وبالأخص على وجوده الإثني، لكن على نطاق أوسع لن يتأثر مواطن شرق السودان بتجميد أو فك وتماسك أو انقسامات المجلس الأعلى لكيانات البجا.
الخرطوم: نجدة بشارة
صحيفة الصيحة