المُهندس محمد الحسن المُجمر في حوار الشفافية والحقائق
يُعد من خبراء صناعة الطيران في السودان، سيرته الذاتية تؤكد هذه الحقيقة التي تتبدي جلياً بين ثنايا مشوار طويل بدأ في منتصف ثمانينات القرن الماضي عقب تخرُجه في كلية الهندسة جامعة الخرطوم وبعدها اجتياز معاينة لجنة الإختيار بتفوق ثم تم تعيينه مهندساً في إدارة صلاحية الطائرات بالطيران المدني الذي عمل فيه لسنوات، ثم غادر بعدها السودان حيث عمل مديراً لصيانة الطائرات لمدة ستة أعوام في إحدى شركات الطيران الإماراتية ومقرها بدُبي والشارقة، ثم عاد للبلاد مره أخرى مديراً لإدارة صلاحية الطائرات ومديراً لدائرة سلامه الطيران وتقدم بعد ذلك باستقالته في منتصف عام ٢٠٠٨ ،وبعدها انشأ مع بعض الخبراء في المنطقه شركة استشارات في مجال الطيران بالإمارات تتعامل معها عشرات الشركات العالمية للطيران.
هو المهندس “محمد حسن المُجمر” الذي يحمل درجتي ماجستير في الطيران من كبريات الجامعات المتخصصه في الطيران وهما جامعتي الإمارات للطيران و كوفنتري البريطانية (تخصص إدارة الطيران وسلامة الطيران )، كما يحمل شهادة مدقق السلامة الجوية المعتمدة والصادرة من الاياتا، بالإضافة إلى ذلك فإن له مشاركات دورية في غالبية محافل الطيران العالمية، ورغم ابتعاده جُغرافياً عن السودان إلا أن هموم قطاع الطيران ظلت ترافقه في حِله وترحاله،وقد قدم كثير من الاسهامات لصناعة الطيران السودانية من استشارات للعديد من شركات الطيران الوطنية وهيئة /سلطه الطيران المدني، جلسنا إليه وتناولنا معه عدد من القضايا أبرزها قرار تحديد عُمر الطائرات المستوردة الذي صدر في ٢٠٠٤ وكان أحد صُناعه، ونتابع بماذا أجاب مدير الإدارة العامة لشئون سلامة الطيران ” دائرة السلامة” الأسبق على أسئلتنا:_
*لماذا تبدو صناعة الطيران في السودان غير مُرضية لمُعظم منسُوبيها؟
لتشخيص القضايا الحالية لابد من الرجوع أولاً إلى تاريخ صناعة الطيران في السودان لتحديد المتعرجات التي حدثت وكان لها تأثير مباشر وأعتقد أن عدم الرضاء من واقعها يعود إلى عقد المقارنة بينها والحد الادنى لمستوي صناعة الطيران في المنطقة،وليس في دول العالم الأول ونأخذ في هذه الحالة دول الجوار نموذجاً مثل مصر، إثيوبيا، كينيا، وحتى تكون المقارنة موضوعية فإننا نضع الأوضاع السياسية والاقتصاديه من ضمن المعايير ،فبالرغم من عدم إلاستقرار السياسي والاقتصادي ولكن صناعة الطيران ظلت ثابتة ولم تتأثر بل حدث فيها تطور متصاعد وهذه ظاهرة، و لأننا في ذات المنطقة فانه يوجد تشابه كبير في الأوضاع السياسية والاقتصادية بيد أن صناعة الطيران في هذه الدول متطورة،ولحد ما استطاعت بعضها إبعاد الصناعة من المتغيرات السياسية حتى لاتؤثر علي إدارتها ونظُمها وهياكلها لخصوصية ومهنية هذا القطاع، ولكن في السودان فإن تابعية الطيران كنظام رقابي وتشغيلي تغير إشرافه خلال العشرون سنة الأخيرة بين أكثر من خمسة وزارات مختلفه تماماً في مهامها ومسئوليتها في حين تجدها ثابته تحت وزاره الطيران في مصر في ذات الفترة وفي وزاره النقل والمواصلات الاثيوبية في ذات الفترة ووزاره النقل الكينية، و كذلك إذا مضينا في طريق المقارنة نجد أن القوانين التي تحكُم منظومه صناعة الطيران في هذه الدولة تختلف تماماً عمّا هي موجودة في السودان ولم تتاثر كثيرا منذ بدايه صناعه الطيران فيها بل حافظت علي نمط مُعين في ضبط الإستثمار والقوانين المرتبطة بكل عمليات منظومة الطيران من المعايير المرتبطه بمنح شهادات الناقل الجوي لشركات طيران والحد الدني والاعلي لعدد الشركات ونوعيه الطائرات وحقوق النقل الثنائية والجماعية والمطارات إلى آخره.
معذرة نرجو التوضيح أكثر حول وجود إختلاف في القوانين التي تحكُم الصناعة؟
في السودان تم تعديل القوانين والنُظم واللوائح منذ عشرات السنوات نسبة للظروف التي مرت بها البلاد، وهذا خلق بيئة جديدة مغايرة لدول الجوار، فعلي سبيل المثال فإن قوانين الطيران واللوائح والنُظم والاستثمار فيه باثيوبيا ظلت ثابتة منذ خمسينيات القرن الماضي، وفي مصر وكينيا ذات السيناريو، فجميع قوانين الاستثمار والقوانين الأخرى كالجمارك والضرائب والنظم الماليه يتم تنسيقها مع القوانين المنظمه في الطيران بيد أنها في السودان شهدت تغيير رغم أنها كانت مُشابهة لما هو سائد في هذه الدول حتي بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي وهذا التاريخ يوضح الأزمة السياسيه التي واجهها السودان والتي أثرت مباشره في صناعة الطيران وأدت الي تعديل القوانين واللوائح الصادرة منذ إنشاء الطيران المدني بعد الاستقلال، وعلينا تحليل ما حدث في تلك الحِقبة بهدوء لمعرفة الركائز الأساسية التي وقفت وراء حدوث تغيير في القوانين، لذا فإن البناء الجديد للطيران في السودان لابد أن يصطحب المتغيرات التي حدثت في تلك الفترة ومازالت آثارها تراوح مكانها حتي هذه اللحظة .
*هل يمكن أن نتخذ قرار تحديد عُمر للطائرات بعشرون عاماً مرتكزاً للمراجعات، بما إنك كنت أحد صُناعه في العام ٢٠٠٤، وهو نموذج لتغيير القوانين كما أشرت؟
عندما يتم وضع لوائح لتنظيم وتطوير القطاع لابد من دراسة حاضره والرؤية المستقبليه لما نسعي ان تكون عليه صناعة الطيران ، ووقتها كان الحظر الجوي والاقتصادي الأمريكي علي السودان قد تصاعد وضيق الخناق علي البلاد وكان الطيران يواجه مشاكل في المطارات والملاحة الجوية والشركات والطائرات وحتى العاملين في مجال الطيران على صعيد تدريبهم وإعادة تأهيلهم، بالإضافة ازدياد وتيرة حوادث الطائرات الاي كان لها تأثير كبير لأنها كانت غريبة مثل هبوط طائرة في النيل وأخرى تقع علي جبل وثالثة تشتعل فيها النيران عند الهبوط خارج السودان وبعضها عند الإقلاع وهكذا، وتنامي الحوادث تصاعُدياً منذ بداية عقد التسعينيات، أحدث تحول وكتب تاريخ جديد لصناعة الطيران في السودان وتمثّل في دخول طائرات روسية وظهور شركات عديده في وقت واحد وقصير وهذا كان رد الفعل الطبيعي للحظر الأمريكي وأعتقد ان المسؤلين في تلك الحقبه لديهم ما يمكن ان يوضحوا فيه هذا الامر !والجدير بالذكر فإنه وحتي بدايه التسعينات فان الطائرات الروسيه لم تكن تسمح لها قوانين الطيران المدني السوداني بالتسجيل او التشغيل مع شركات الطيران السودانيه ،،وهنا أذكر أن شركة ترانزاربيان كانت قد استوردت حوالي سته طائرات انتونوف ٢٦ في حوالي العام ١٩٨٦ في حاله شبه جديده ولكن القوانيين في ذلك الوقت لم تكن تسمح لها بدخول السودان والعمل فيه ، ومع هذا الواقع باتت المتغيرات تحدث عام تلو الآخر ومنها إرتفاع وتيره حوادث الطائرات التي أشرنا من قبل إلى أنها غريبة،ومختلفه عن بعضها ، واضطرت الحكومة في المشار في عدد كبير من شركات الطيران المحلية لتنفذ العمل الاستراتيجي للطيران الذي يعني أنه واقع جديد وهذا الوضع أستمر لوقت طويل ولم يكن هناك مجال للرجوع لتطبيق القوانين واللوائح القديمة بل فرض الواقع الجديد مواكبته لأنه أمر دولة ولم يكن أمامها غير الطيران لربط أنحاء البلاد
*هذا يقودنا إلى قانون ٢٠٠٤؟
نعم.. في العام ٢٠٠٤ واتفاقية السلام قد ازفت وقتها كان لابد من التفكير الإيجابي والنظرة المستقبلية لصناعة الطيران في بلد يسوده السلام بعد سنوات الحرب القاسية من حيث ضبط القوانين واللوائح والنُظم وعدد الطائرات ونوعيتها ومؤهلات الأشخاص وذلك ولرفع مستوى السلامة وتقليل حوادث الطائرات وتشغيل الطائرات حسب المعايير المحلية والعالمية لأنه عند تطبيق مبدأ اقتصاد الحوجة تكون صناعه الطيران في أدنى مستواها ، وفي اللجنة التي تم تكليفها بهذا الملف كان الهدف دراسة معالجة تدهور صناعة الطيران وتطويرها في في قطاعاتها المهمة.
*كيف كان واقع الطائرات والشركات؟
قرار مجلس الامن رقم ١٠٧٠ عام ١٩٩٦ والقرارت التنفذية من الكونقرس الأمريكي ضد صناعة الطيران في السودان منذ ١٩٩٣ ساهمت بشكل واضح في الحد من دخول الطائرات الحديثة من كل بلاد العالم للسودان واستمر الضغط الأمريكي علي الجميع لعدم التعامل مع الشركات السودانية المباشر او غير المباشر واستمر هذا الاحجام منذ ١٩٩٦ وحتي ٢٠٠٤ الي ان وصلت أقل الطائرات عُمراً في تلك الفترة أي عام ٢٠٠٤ في سجل الطائرات السودانية المسجلة للعمل في نقل الرُكاب في الرحلات المجدولة الي ثلاثون عاماً وكان عدد الطائرات في السجل يفوق المائة طائرة من الطائرات المتوسطه الحجم والصغيرة ، والتي تعمل منها في مجال الرُكاب كانت قليلة منها ثمانية طائرات انتنوف ٢٤ وطائرة ٧٣٧ وباقي الطائرات غير مُسجلة في السجل المدني السوداني لكنها كذلك حوالي او تفوق اعمارها الثلاثون عاما.
*السيطرة كانت للطائرات الروسية؟
نعم.. في ذلك الوقت فإن السودان كان يشغّل عدد كبير من مختلف طرازات الطائرات الروسية منها انتينوف ٢،٨،١٢،٢٤،٢٦،٣٠،٣٢،٧٢،٧٤، والياك ٤٠ والياك ٤٢ والتبلوف ١٣٤ والتبلوف ١٥٤ والتي يو ٢٠٤ والاليوشن ١٨،٧٦ والاليوشن ٦٢ وغيرها وكانت هذه مُسجلة ومعظمها طائرات شحن، وللتعامل مع هذا الوضع وحسب مسئوليه الطيران المدني في ضرورة وضع استراتيجية وخارطة طريق واضحة لانتشال صناعة الطيران من التدهور واعادة الثقة فيها محلياً وعالمياً وجلسنا مع شركاء الصناعه وبعد عدة جولات من المناقشات تم الإتفاق معهم وتمخضت هذه الإجتماعيات عن قرار لضبط الصناعة بلوائح جديدة تُثمر عن إحضار طائرات حديثة وهذا ماحدث وقد صاحبته نهضة على صعيد الكوادر المؤهلة لمواكبة هذه الطفرة في نوعية الطائرات ونشأت عدد من المعاهد المختصة والتي لم تكن موجودة من قبل لتعليم هندسه الطيران وصيانته وقياده الطائرات والتخصصات الأخرى ، وكذلك فإن تحديد عمر الطائرات أسهم في تغيير البنية التحتية ورفع المستوي لصناعه الطيران في السودان ومعروف أنه في كل العالم لايتم السماح بالعمل لشركة طيران ضعيفة في البنية وضرورة وجود البديل الفوري لطائراتها الجاهز علي مستوى جيد لعملياتها.
*هذا يعني أن القرار فرضته الضرورة؟
نعم.. قرار تحديد عمر الطائرات وحسب دراستنا وقتها وجدنا أنه يُعالج غالبية مشاكل صناعة الطيران في السودان في وقت واحد، علماً بأن دول قليلة سبقت السودان في تحديد أعمار الطائرات مثل نيجيريا ولكن عشرات الدول اتخذت مثل قرارنا بعد أن تم تنفيذه بالسودان منها إيران وهي أكبر دولة تعرضت لحظر جوي أمريكي وحوادثها كانت أكثر فكان أن حددت ١٥ عاماً عُمراً للطائرات واتخذت دول أخرى مثل ليبيا، مصر، لبنان،تونس، الإمارات، السعودية الأردن وغيرها بل أن كينيا منعت تسجيل الطائرات الروسية وتشاد منعت طائرات الانتنوف من عبور اجواءها وان كينيا لا تسمح لتسجيل الطائرات الروسية في سجلها المدني وكل دولة لديها رؤيه في تحديد نوعيه التعامل مع شركات الطيران ونوعية ومعايير دخول الطائرات وتشغيلها وجميع هذه الدول غرضها كان نهضة الصناعة فيها،،
*ولكن بعض الشركات اعترضت على القرار وذهبت تشكو لجنتكم إلى وزير الطيران وقتها على تميم فرتاك؟
نعم.. هذه حقيقة، بعد أن توافقنا علي القرار وبعد تنفيذه بصورة حرفية تفاجئنا ببعض الشركات ان لديها تحفظات وحسب تسلسل الإستئناف طلبنا منها الاستئناف لدي وزير الطيران والذي أقترح عقد إجتماع مباشر بيننا مع الشركات التي رأت أن القرار من شأنه إلحاق الضرر بها،وفي الإجتماع أشارت الشركات الي أنه بإمكانها استيرار طائرات عمرها أكثر من عشرين عاماً وصيانتها جيدة ومستوفية لمعايير الإتحاد الأوربي، بينما توجد أيضاً طائرات عمرها أقل من عشرين عاماً ولم تتم صيانتها جيدا، وأن القرار حسب وجهة نظرهم غير صحيح، فطلب مني الوزير الرد فقلت أن الشركات استعملت مقياس في الأساس خطأ وأن صلاحية الطائرات عليها أن لا تقبل أي تسجيل او تشغيل طائرة لم تتم صيانتها بصورة جيده في كل الأحوال مهما كان عمرها وأن معايير تسجيل الطائرات وتشغيلها في السوداني مقتبسه في الأساس من الطيران المدني البريطاني وتم تحديثها في العام ٢٠٠٤ لتصبح موائمه لمعايير الإتحاد الأوربي ويبقي الميزان الصحيح انه أيهما أفضل :طائرات أكثر من عشرين سنة وصيانتها جيدة، أم طائرات أقل من عشرين سنة وصيانتها جيدة، وبالتأكيد الإجابة تكمُن في أفضلية التي تحت العشرين عاماً وصيانتها جيدة على مقاييس الطيران المدني السوداني وذلك للتطور التكنلوجي في جميع نُظم الطائرات من محركات وملاحة جوية واتصالات وحتي نوع مواد جسم الطائرة فقد تم تغييرها حتي تكون ملائمه لكل ظروف البيئة وسهولة صيانتها وتقليل تكلفة تشغيل الطائرات فكان أن وافقنا الوزير في الحديث من واقع أن هدفنا السلامة وشددنا على عدم الاستثناء لأن المبدأ تطوير الصناعة، وتسجيل وتشغيل الطائرات يرتكز على هذا المبدأ وقد خلق بيئة جديدة.
*البعض يعيب عليكم تحديد عمر للطائرة لأن هذاً غير صحيح مهنياً؟
الذين يعتقدون أن الطيران المدني السوداني قد حدد عمر الطائرة بعشرون عاماً لصلاحيتها فإن فهمهم خاطئ لانه لم يحدث أبداً والدليل علي ذلك أن هنالك عشرات الطائرات وبعد أن دخلت السودان قبل أن تبلغ عشرون عاماً وزاد عمرها على العشرون عاما الآن تصدر لها شهادات صلاحية تعتمد علي إلتزام مشغليها بمعايير برنامج الصيانة ومتطلبات صلاحية الطائرات ،لكن يظل تحديد العمر لدخول الطائرات معياراً هاماَ لدي سلطة الطيران المدني، وقد ساعد صناعة الطيران علي إدخال طائرات حديثة للشركات السودانية شبيهة بشركات عملاقة مثل المصرية والاثيوبية والتركية وفلاي دبي بعد عهد لم تري صناعة الطيران في السودان هذا النوع من الطائرات يعمل في السودان وبعمالة سودانيه خالصة كانت لها الريادة في هذا المجال يوماً ما ونتوقع ازدياد عدد الطائرات الحديثة بصورة كبي خلال هذا العام والعام القادم باذن الله.
*وماهي ملامح هذه البيئة الجديدة التي خلقها قرار تحديد عمر الطائرات، دعنا نتخذ الشركات الوطنية مثالاً؟
الخطوط الجوية السودانيه تعتبر أكبر شركة استفادت من قرار العشرين عاماً والالتزام بتحديث اسطولها وكنا قد حصلنا على موافقتها قبل إصدار القرار من واقع أهميتها لأنها تمتلكها الدولة في المقام الأول وهي الناقل الوطني والتي تُقاس عليه صناعة الطيران، ووقتها جلسنا الي مديرها العام اللواء نصرالدين محمد أحمد ،وفي ذلك الوقت كانت سودانير تستاجر خمسة طائرات انتنوف ٢٤ وتعمل بها في الرحلات الداخليه ، وطائرتين بوينج ٢٠٠-٧٣٧ وأيضا كانت مستأجرة وطائرتين ٧٢٧،بالإضافة إلى ثلاثة طائرات إيرباص قديمة بي ٤، ولم يكن بينها طائرة يعمل عليها كباتن سودانيين او يشرف على صيانتها مهندسين من الشركة ، وكان هذا وضع سودانير عند إصدار القرار رغم أنها كانت تنافس المصرية ووقتها كانت تمتلك ٤٥ طائرة حديثة وكذلك الإثيوبية التي كانت تمتلك أكثر من ٣٠ طائرة حديثة وغيرها من نواقل وطنية كبيرة، و تاريخياِ فإن سودانير كانت تشتري الطائرات من المصنع مباشرة وهذا يعني أن عمر الطائرة صفر، ومعنى ذلك أن الدولة لديها مقدرة الشراء من المصنع، وقلنا لهم أن هذه فرصة لتعود سودانير للشراء، وقد وافقت إدارة الشركة على طرحنا.
*هل استفادت سودانير من القرار؟
نعم.. ومن افرازات قرار تحديد العشرين عاماً على سودانير رغم الحظر الأمريكي حصول الشركة على أكبر تمويل حدث لها منذ انشائها، و استفادت من المبلغ في شراء معدات واليات مناولة أرضية حديثة، تأهيل وحدة تموين الطائرات وفقاً لأحدث المواصفات العالمية،شراء خمسة طائرات فوكر التي سيطرت بها على السفريات الداخلية ومناطق البترول،وكذلك اشترت طائرات ايربص ووصلت إلى مرحلة تسييّر رحلة يومياً إلى لندن وكان عُمر الطائرات لايتجاوز الثمانية أعوام، وتم رفع القيمة السوقية لسودانير وفي ذلك الحين حين تم بيعها لشركة عارف الكويتيه !!.
ولكن حدثت استثناءات رغم القرار وتم إدخال طائرات يتجاوز عمرها العشرون عاماً؟
قبل الإجابة لابد من التأكيد أن القرار كان ومازال له تأثير إيجابي كبير في استمرار استجلاب طائرات حديثة وفقاً لاعمار دون العشرين عاماً مما يتيح للجميع مواكبة التكنولوجيا الحدي في صنا الطائرات وهذا يوضح أنه كان صحيح وفي صالح صناعة الطيران في السودان،وأعتقد أن أي استثناء لطائرة يتم تسجيلها في السجل المدني وعمرها فوق عشرين عاما لحظة الطلب فإنه يهزم روح القرار الذي يجب أن يكون خطاً أحمراً من حيث المبدأ، كما أن حدوث هذا يعني إيقاع خسائر فادحة على شركة استمرت أموال ضخمة من أجل شراء طائرات حديثة، والقرار لايعني إخراج الطائرة التي تجاوز عمرها العشرين عاماً وكذلك التي أكملت هذا العمر وهنا لايوجد استثناء وأتمنى عدم حدوث تجاوز في هذا القرار مهما كان المُبرر واذا ارادت السلطه استثناء أي طائره من القرار عليها تعديل القرار ليصبح الاستثناء متاحا للجميع وبموافقه شركات الطيران الأخرى ،فهذا النوع من النشرات او اللوائح تتطلب عدم الاستثناء إنما التأكُد من عدالة فرص الاستثمار للجميع في وقت واحد وهذا ما تقوم به بقية الدول التي اتخذت مثل هذه القرارات حرفياً دون أي استثناءات ، ويمكن دراسة وضع شركات الطيران الحالية وامكانية تطوير اسطولها بانقاص عمر دخول الطائرات يمكن أن يكون مثلا ١٨ عام او ١٥ عاما ،ً لان الهدف منه توفير طائرات جديدة يمكنها منافسة الشركات الاقليمية التي تمتلك وتستاجر طائرات جديدة وهذا يساعد الشركات على استجلاب طائرات يتم تسجيلها في السجل المدني السوداني، عموماً أعتقد أن قرار تحديد عمر الطائرات الذي صدر عام ٢٠٠٤ كان ومازال له تأثير إيجابي على الصناعة والدليل على أهميته وجدواها أن خمسة مدراء تعاقبوا على السلطة حافظوا عليه، وأتمنى أن نجلس في ورشة علمية لتقييمه بصورة أكثر شمولاً.
صديق رمضان
طيران بلدنا