4 ملايين عزباء… لماذا تخاف السودانيات “عش الزوجية”؟

أكدت تقارير رسمية في السودان وجود 4 ملايين فتاة في سن الزواج من مجموع 20 مليون امرأة سودانية. وتقف وراء هذا الارتفاع في عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن أمور عدة. بعضها اجتماعية، وأخرى نفسية، لكن أغلبها اقتصادية.

مديرة مكافحة العنف ضد المرأة بوزارة التنمية الاجتماعية سليمى إسحق قالت إن “العنوسة دفعت فتيات كثيرات للجوء للزواج المبكر، وأغلبه مهدد بالفشل”.

لكن أسباباً كثيرة جعلت الفتيات يهربن من الزواج، خصوصاً أن التقدم الذي يشهده العالم، لم يمنع من وجود ضحايا العنف المنزلي والأسري، حيث أكدت أبحاث أن “آلاف السيدات السودانيات يتضررن من العنف المنزلي من دون وجود جهات تحميهن”. فيما طفت ظاهرة قتل الأزواج زوجاتهم على السطح، حيث شهد الشهران الماضي والحالي حادثتي موت من هذا النوع.

تقول الناشطة النسوية ميرفت طه، إن “ظاهرة العنف الجسدي داخل الأسر السودانية وخصوصاً بواسطة الأزواج موجودة بكثرة، وتحدث من قبل أزواج أغلبهم متحضرون ومتعلمون، ما يؤكد أن التقدم المعرفي لا علاقة له باختفاء ظاهرة تعنيف الزوجات، خصوصاً أن ضحايا العنف زوجات لا يملكن سوى الانصياع والمكوث مع المعنف”.

وعن علاقة ارتفاع نسب عزوف الفتيات عن الزواج. تقول طه، “طبعاً سترتفع نسبة عزوف الفتيات عن الزواج ما دامت مؤسسة الزواج فاشلة وغير منضبطة أو مسؤولة، وما دامت القوانين لا تنصف المرأة، ومن المؤكد أن المجتمع الذكوري يجعل بعض الفتيات يخشين خوض تجارب فاشلة تنتهي بالانفصال والمحاكم. وكل تلك الأسباب جعلت أغلب الفتيات لا يستعجلن دخول تجربة الزواج حتى ولو وصلن إلى أعمار متقدمة”.

استشارات على “فيسبوك”

مجموعات على “فيسبوك” خصصوا نشاطهم لنشر المشكلات الزوجية، وتحتوي على آلاف المتابعين، وبعضها كسر حاجز المليون، وتنشر آلاف المشكلات شهرياً. وفي هذا السياق قالت الباحثة الاجتماعية نجوى عبد الغني، إن “مجموعات فيسبوك تصدّر فكرة سيئة عن مؤسسة الزواج، خصوصاً تلك التي تنشر استشارات عن المشكلات الأسرية، لذلك نجد كثيرات يتخوفن من فكرة الزواج بمجرد رؤيتهن الاستشارات المعروضة”.

وعن كيفية الفصل بين استشارات “فيسبوك” والواقع، قالت عبد الغني، “يجب على الفتيات أن يعلمن أن ما يتم نشره على فيسبوك من مشكلات لا يمثل سوى 5 في المئة من الحياة الزوجية والأسرية، فالحياة فيها هبوط وارتفاع ومشكلات وجوانب سعيدة، لكن الإنسان لا ينشر إلا تعاسته، أما الأوقات السعيدة فلا يشاركها إلا قليلون”.

وحول ما يتعلق بالعزوف عن الزواج بسبب الاستشارات تقول، “في بحث متواصل أجريته أنا وعدد من المتخصصات الاجتماعيات والنفسيات، توصلنا إلى أن هذه الاستشارات أغلبها مفبرك بغرض التفاعل وجمع التعليقات وزيادة التفاعل، ومن خلالها يتم استفزاز القارئ والتأثير فيه، لذلك يجب الفصل بين ما هو مفبرك وما هو حقيقي. وعدم جعل المنصات الافتراضية تؤثر في القرارات الشخصية وإلا ستكون العواقب وخيمة”.

أزمات اقتصادية

لم يقتصر ارتفاع نسب العزوف عن الزواج على الأسباب الاجتماعية والنفسية فحسب، بل تعد الأزمات الاقتصادية المتتالية أكبر سبب في زيادة عدد العازبين في السودان، بل هي السبب الرئيس في ارتفاع نسب الطلاق، حيث أكدت إحصائية حدوث 60 ألف حالة طلاق في 2020 فقط.

في هذا الصدد، قالت المحامية نجلاء ياسين، إن “ارتفاع نسب الطلاق سنوياً أمر متوقع، خصوصاً مع عدم الاستقرار الاقتصادي، الذي أفرز مشكلات كبيرة داخل الأسر، بخاصة تلك التي كانت ميسورة الحال وتأثرت بالأزمات المتتالية”.

سودانيات يكسرن صمتا طويلا بعد إطلاق حملة لإدانة التحرش
وعن أسباب الطلاق الأخرى، أضافت، “تأتي الحالات المتعلقة بسوء التفاهم، عندما نجد الزواج مبنياً على أساس غير متين من البداية، إضافة لاغتراب الأزواج عن زوجاتهم لسنوات طويلة، وفي هذه الحال هناك آلاف السيدات طلبن الطلاق عبر المحاكم تحت بند الهجران الزوجي”.

أما في ما يخص زيادة عدد العازبين والعازبات، فقالت ياسين، إنها “ترجع لأسباب متعلقة بارتفاع تكاليف الزواج، التي تصل لآلاف الدولارات. مع زيادة البطالة وعدم وجود دخل ثابت للطرفين. ومشاركة الفتيات في تكاليف الزواج، التي تكون صعبة على بعض الأسر، فتفضل عدم تزويج فتياتها خوفاً من التكاليف”.

استطلاع رأي

“اندبندنت عربية” أجرت استطلاع رأي ضم أكثر من 200 أعزب وعزباء، حول الأسباب التي جعلتهم غير متزوجين حتى الآن، وكان هناك إجماع على “تردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع نسب البطالة”. وقالت شيماء خالد، إن “الشباب أصبحوا يتخوفون من فكرة الزواج وتكوين أسرة بسبب عدم استقرار البلد الذي يعاني اضطرابات سياسية واقتصادية”. وأضافت أن “بعض الفتيات يخشين فكرة الارتباط بسبب انتشار سمعة غير جيدة عن مؤسسة الزواج، التي تشوبها مشكلات عميقة وكثيرة، بعضها يصل لقتل أحد الطرفين الآخر، مع وجود عنف أسري بسبب انتشار المخدرات والتعاطي وسط الشباب”.

وقال أيمن محمد، إن “الفتيات على الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة فإنهن يردن إقامة أعراس مكلفة تصل لأكثر من 10 آلاف دولار. ولا يتنازلن عن تفاصيل غير ضرورية في الأعراس. مع تشجيع أسرهن لهن بضرورة جلب عرسان أغنياء. ووجود أسباب عنصرية أخرى يتم رفض العرسان فيها لاختلاف القبيلة”.

إندبندنت عربية

Exit mobile version