يا سيدي الحسن الأمريكي براحة

على النقيض مما حدث في دول عربية وغير عربية أخرى بعد الإطاحة بحكومات منتخبة، كان معلوماً للجميع أن أمريكا لن تقبل بفض الشراكة مع أتباعها غير المنتخبين، وأنها ستمارس الضغوط على حكومة السودان، وتفرض العقوبات المخففة، وتهدد بالعقوبات لاأشد، لكنها مع ذلك ستقرأ الواقع السوداني وموازين القوة، وفي حالة ترجيح استحالة حسم أتباعها لمعركة السيطرة على السلطة بلا انتخابات، ستتصرف بواقعية، وتتدخل للوساطة ..

ولذلك كان معلوماً للكافة أن الإصرار على اللاءات يعني – حرفياً – قفل باب الوساطات، لأنه في ظل الجو المشحون بالعداء، وفي ظل تباعد المواقف بين المكون العسكري وقحت، فإن التنازل عن شعار ( لا للتفاوض ) إذا حدث فسيكون ذلك، بالضرورة، عن طريق وساطةٍ ما من حليف له خاطر عند قحت، كانت قحت تعلم هذا، ولم تعلن منذ البداية، أو تلمِّح مجرد تلميح، أنها ستعيد النظر في اللاءات، أو بعضها، في حالة حدوث هذا المعلوم للكافة أنه سيحدث ..

إذن ما القيمة الحقيقية لما قيل من أن التنازل جاء على خلفية وساطة ؟ ما قيمته إذا كان الرفض ( الحقيقي ) للتفاوض كان يعني ( بالضرورة) رفض الوساطات، لا سيما تلك التي تأتي ممن لا تستطيع قحت – المركزي أن تقول لهم لا ؟ ألم تكن قحت تعلم عندما رفعت لاءاتها أن هناك من لهم خاطر عندها، ويتصرفون بواقعية، ولديهم من المصالح معها ما لا يقبلون إضاعته بالعنتريات الفارغة ؟

على كثرة الحالات التي انطبقت عليها قصة ( يا سيدي الحسن براحة .. ما تدفر )، لا أظن أن هناك حالة انطبقت عليها القصة بحذافيرها كهذه التي نحن بصددها، ولا اختلاف يُذكَر سوى أن ( النديهة ) هذه المرة مشتركة، قامت بها قحت من أول يوم عن طريق سياسة سفارة سفارة، وقام بها المكون العسكري منذ أن جمَّد خارطة طريق التصحيح، ولا فرق في الإخراج سوى المؤتمر الصحفي الذي روت فيه قحت تفاصيل ( الدفرة ) من سيدي الحسن الأمريكي، وكان ذلك من أجل الموازنة بين قطف ثمار الدفرة، والحفاظ على رضا الراستات المشحونين باللاءات، والذين يعلمون أن الرفض الحقيقي للتفاوض يعني تتريس وقفل طريق الوساطات التي تأتي بعد نديهة أو بدونها .

إبراهيم عثمان

Exit mobile version