حيدر المكاشفي يكتب: ثم..انتخابات بمن حضر

تناولت بالأمس على هذه المساحة حوار الآلية الثلاثية الذي سينعقد بمن حضر، وخلصت في تقديري الشخصي المبني على جملة شواهد وحيثيات الى فشل هذا الحوار في انهاء الأزمة، حتى لو انتهى الحوار الى اختيار رئيس وزراء وتعيين الحكومة الخ، وتوقعت استمرار الأزمة ربما بأشد مما كانت عليه واستمرار التظاهرات من جانب الشارع، يقابلها عنف السلطة وتواصل عمليات القتل، الأمر الذي يطرح سؤالا مهما ثم ماذا بعد، وتبدو اجابة هذا السؤال معروفة سلفا من واقع جملة شواهد وحيثيات أيضا سنأتي على ذكرها، فما بعد فشل الحوار ونهاية مهمة الآلية الثلاثية سيلوح العسكريون مجددا بكرت خطتهم (ب) الانتخابات المبكرة وكذلك بمن حضر، فكثيرا ما كان العسكريون يلوحون بكرتين كلما ضاق عليهم الخناق، كرت التوافق الوطني وكرت الانتخابات، ولعل هذا التكتيك هو ما جعلهم يسارعون في خطوة دراماتيكية عجيبة للتحول مائة وثمانين درجة من خانة العداء السافر للبعثة الأممية ورئيسها فولكر وحوار الآلية، لداعمين بلا حدود للبعثة وللحوار، ولا تفسير لهذا التحول الكبير سوى أنهم أعدوا عدتهم لما يخدم خطتهم، ولهذا وبعد الفشل المتوقع لحوار الآلية سيعملون على تنفيذ الخطة البديلة (ب) الانتخابات المبكرة بمن حضر لمنح شرعية زائفة لانقلابهم.. لقد ظل هؤلاء العسكريون الانقلابيون منذ تنفيذ انقلابهم المشؤوم، يمارسون الإثارة والاستثارة والمزايدة بقميص الانتخابات، الذي جعلوه مثل قميص عثمان، ذلك أن الانتخابات لو أقيمت في ظل الظروف المعلومة لن تفي بالمعايير المطلوبة وستكون انتخابات ناقصة ومشوهة وستتم على طريقة (عدي من وشك).. ويبدو واضحا ان لا مرجع للانقلابيين سوى كتاب النظام البائد يقرؤون منه ويطبقون وصفاته، ومنها وصفة الانتخابات المبكرة، واذكر ان النظام البائد في محاولة منه للخروج من احدى ورطاته وزنقاته، قرر ان يجري انتخابات مبكرة في غير أوانها ودون الوفاء بمتطلباتها وبمن حضر، وكان تعليق الامام الصادق المهدي رحمه الله على تلك الانتخابات بانها كالصلاة بدون وضؤ، والصلاة بدون وضؤ لا تجوز طبعا، ورغم عدم جوازها إلا أن البعض قد فعلها تقية ورهبة أو تزلفا وتملقا، وأنا على ذلك من الشاهدين، خاصة على أيام هوجة التمكين التي جعلت في كل وزارة مسجدا، وفي كل وحدة إدارية مصلى، فنشأت وقتها مئات المساجد الضرار رغم أن الله تعالى قد جعل كل الأرض مسجدا، وليت هذا التهافت الديني المظهري الظاهري قد تم يومئذ والبلاد في سعة ودعة في اقتصادها ومعاشها وأمنها واستقرارها، ولكنه للأسف تم على طريقة بئر معطلة وقصر مشيد، الشاهد إن أهمية وحتمية الانتخابات عند الانقلابيين لا أظنها تخفى حتى على من لا زال يحبو في بلاط السياسة، أيا كانت الصورة التي ستأتي عليها هذه الانتخابات، عرجاء، عوراء، كسيحة أو حتى جثة، فإجراء الانتخابات في الظروف العامة التي يكابدها السودان اليوم تبدو أمرا مستحيلا في ظل السيولة الأمنية والتدهور الاجتماعي والانهيار الاقتصادي، وإذا حدث وتمت فإنها ستدخل البلاد في أتون صراعات ربما تفضي الى مزيد من التفكك، وقد تمكن مجموعات معينة من العودة إلى الحكم وعلى رأسها بطبيعة الحال مجموعة النظام البائد وفلولهم…

صحيفة الجريدة

Exit mobile version