صحيح أن الشعب السوداني الذي نحن منه وفيه يحمل من المكارم ما يفوق الوصف مروءة وكرم وعزة نفس عالية وغيرة على العرض ونصرت للضعيف وإغاثة للملهوف وإحترام للمرأة وتقديس للأم والأخت…… والكثير جدا من نبيل الصفات.
لكن ومع تلك الصفات الكريمة الحسد أمره واضح جدا وبصورة كبيرة.
الحسد ومنذ أن كنا أطفالا، نرفض الطفل النظيف الذي عليه ثياب من أثر النعمة والإغتراب، وإن لبس نديدنا العراقي والسروال المقدود وأتسخت ثيابه بماء الدميرة وزيوت الطعام ورائحة البهائم وصبغة الرطب والدفيق، حينها يصير منّا ويزول الحسد عنه تماما ويكون مستحقا من أنداده كل المكارم والإيثار والأخوة الصادقة. وكأنما مكارمنا برنامج Software ينشط فقط إن غاب التميّز 🤔.
وكذلك الحال في المدرسة، إن كنت متميزا في دراستك لابد أن تكون صاحب ذكاء مجتمعي عالي جدا تهزم به التهم التي يرمونك بها زملائك، وتخفف به وطأت كيدهم ومكرهم.
وفي القرية كي تعيش آمنا لابد أن يكون طعامك مثل طعام غيرك وبيتك يشبه بيوت الآخرين، إن تميزت على الناس بفضل جعله الله لك فلن تجد إلا من يتمنى زوال النعمة عنك حتى ولو كانت هذه النعمة واصل خيرها لحاسدك ومستفيد منها هو وعياله.
ولكي تتجنب حسد المجتمع عليك أن تقلل من حمدك لله على نعمه 🤔 وأن تظهر السخط والعسر والفقر، وعليك أن تداري طعامك الطيب ونجاح أبناءك وسعادتك مع زوجك.
وأسوأ أنواع حسدنا المجتمعي يظهر مع المستثمرين العرب خاصة، نغريهم بطيبتنا حتى إذا أنفقوا أموالهم في حفر الآبار وتركيب أنظمة الري وأخضرت الأرض وأنبتت من كل زوج بهيج، حينها ننزع وجه الطيبة ونلصق وجها مطبوع من وجه الشيطان، فنمنع المستثمر من تمتعه بالخير الذي وجده، ونقف في وجهه ونحطم آلياته ونفسد له محصوله، ونذهب لبيوتنا والزهو ينفخ أوداجنا من النجاح الذي حققناه بتحطيم مال المستثمر 🤔 وكأننا كنّا نظن أن المستثمر جاءنا ليتصدق علينا لا لكي ينمي ماله ويحقق أرباحا .
في رأي أنه ولكي نستكمل مكارم أخلاقنا علينا الإعتراف بهذا المرض، وأن نعمل كدولة ومنظمات ومجتمع وأفراد على علاجه.
مناهجنا التعليمية وإعلامنا والكوميديا التي ننتجها وخطب المساجد وأصحاب الأعمدة الصحفية المشهورة يجب أن تطرح هذه القضية بصور مختلفة هادفة لمعالجة هذا المرض.
عموما، مرض الحسد هو مرض إنساني عام ولا يخصنا كمجتمع سوداني ،ولكن قد يكون وجوده في وسطكم هائل من المكارم لأهل السودان دورا في ظهوره بشده
كالبقعة السوداء في الثوب الأبيض.
الله سبحانه وتعالى خالق البشر يعلم فجور نفوسهم. وما الزكاة التي جعلها الله حقا له في أموالنا إلا واحدة من الأدوية لعلاج بعض فجور نفس البشر، وخاصة الحسد . فالغني يستفيد من إخراج زكاته بأكثر مما يستفيد منها الفقير، فغياب الحسد من المجتمع بسبب إستفادة الفقير من الزكاة والصدقة والهدية التي تأتيه من الغني، فائدة ذلك لدى الغني عظيمة جدا بركة في ماله ورفاهيته وأبناءه.
💧إن أسوأ ما فعلته حكومة قحط في المجتمع السوداني في هذه السنوات الأخيرة أنها سقت بذرة الكره والحسد في المجتمع حتى نمت وكبرت وأثمرت ونشرت بذورها.
أما تنظرون لوجه وجدي صالح عندما يخاطب الناس برفد المئات ومصادرة أموالهم وإعتقالهم وتشريد أسرهم ، يزهو وجدي بتلك الأفعال ويفرح وينتشي وكأنه إفتتح أكبر مستشفى لعلاج الكلي والسرطان، وكأنه يفتتح مصفاة جديدة للبترول يكتفي فيه السودان من هذا المنتج. يفعل وجدي ذلك بوجه ورقيص لا يمكن إلا أن يكون من وجه الشيطان
Copy Paste
والمصيبة الأكبر أن وجدي يستمد قوته وفخره من تأيد الكثيرين جدا من أبناء المجتمع، يفرحون للغم الذي يحدث للأسر نتيجة تنفيس وجدي لكرهه وبغضه بسجنه ومصادرته لأموال الناس من غير قضاء ولا محاكم ولا فرصة للمتهم للدفاع عن نفسه.
فقحط بدلا أن تُعلي مكارم المجتمع وتخفف من مسالبه عملت على هدم المكارم ونفخت في الحسد والكره في المجتمع حتى صار المجتمع غريبا جدا، يرى الظلم في السوق والطرقات والمواصلات فيغض طرفه وينسى مروءته وهمته. غاب عن المجتمع الكرم والشهامة والغيرة على العرض وتعظيم المرأة، وأصبح المواطن لا يتحرك ولا ينام إلا وحوله السلاح الناري والعكاز والسكين.
قحط أخرجت أسوأ ما فينا.
اللهم إنهم لا يعجزونك.
*متداول