رأي ومقالاتمدارات

لماذا لا يُسمح للبشير بالخروج؟

يبدو أن تقديرات القيادة العسكرية ( برهان_ حميدتي) أو من يقف خلفهم، هى ترك البشير في الحبس لأطول فترة ممكنة، وفي أفضل الأحوال السماح له بالذهاب إلى المستشفى، لكن خروجه لتشيع والدته أو شقيقه، أو دفن زوجته فاطمة خالد، سيجلب لهم المتاعب، خصوصاً وأن الإطلالات القليلة التي وجدها سحبته لمنصة الأضواء مجدداً، وأخرها في مستشفى علياء حين زار بعض المرضى، وكذلك يوم رفع سرادق عزاء الحاجة هدية، حين جاء موكبه من سجن كوبر، كما لو أنه يحتفظ بمنصبه، تحرسه أكثر من 100 سيارة عكسرية، حاولت جاهدة شق الصفوف، وسط هتاف: “عائد عائد يا البشير”، التي تشبه عبارة “آسفين يا ريس” في مصر، بعد ذهاب مبارك، وأيضاً ترك محمد مرسي يموت في السجن حتى لا يؤرق وجهه الحاكم الجديد، الى جانب الاحتفاظ بصور جنرالات حكموا السودان أمثال عبود والنميري، وهو ما يمكن تفسيره في سياق التعلق بالتاريخ السياسي، والذي ظل يعتقل الجميع في سجونه الهائلة، حتى بات يعرف بـ”الزمن الجميل”. كثير من الناس يحن إليه، ويجد أن المقارنة الموضوعية مع الواقع البائس هنا في السودان لصالح المشير الحبيس، الذي رغم سقوط نظامه ظل يمثل عبئًا ثقيلًا على المجلس العسكري وتحالفاته، في تصور شكل المحاكمة والإدانة، محاكمته التي كانت أصعب من قرار خلعه، كما يبدو، وفي تنامي شعبية الضابط السجين، المزين بالنياشين كآخر مشير يتحاشى الجيش مس أقدميته، وسوف يظل كذلك شبيهًا بالكابوس الذي سببه الرئيس محمد مرسي للسيسي، حتى وهو سجين، ولربما دخل عهد البشير نفسه في زُمرة الحنين إلى الماضي، خصوصًا مع تطاول أمد المعاناة الاقتصادية والغلاء والتروس، والمدارس والجامعات المغلقة وتسعة طويلة والسيولة الأمنية والركون للأجندة الغربية، والدمار الهائل في البُنى التحتية، ولعل الخوف من تنامي شعبية الرجل يذكر بالرئيس الهايتي جان برتران، وذلك بعد أن أطاحه انقلاب عسكري في بداية التسعينيات، ليعود بعد أربعة سنوات ليشغل ذات المنصب، وعندما سُئل سلافوي جيجك: “من هو أكثر شخص أثار إعجابك؟”، رد قائلًا: “جان برتران، الرئيس الهايتي المخلوع مرتين، إنه نموذج لما يجب العمل به للناس في أوضاع يائسة”
عزمي عبد الرازق