زاهر بخيت الفكي يكتب: المعرض عندكم ليهو شنو..؟

في بدايةِ الثمانينيات تكرّمت علينا ادارة مدرستنا المتوسطة في مدينة المسلمية العريقة بيومين إجازة، للخروج من الداخلية والذهاب لأهلنا لتدبير مبلغ الرحلة المُقررة لزيارة معرض الخرطوم في إحدى دوراته الأولى، رحلة تاريخية حدثنا المُدير المُحترم عن أهميتها بالنسبة لأمثالنا، وهي بلاشك كما ذكر اضافة معرفية وذكرى رائعة ستظل خالدة في أذهاننا، طالبونا باحضار جنيهٍ واحد كان كافياً لتغطية نفقات الرحلة، التي تبدأ من مدينتا في الصباح الباكر والعودة إليها في المساء، وما أجملها من رحلة، رأينا العالم داخل تلك الرقعة الجميلة يُحدثنا عملياً بانتاجه، وادهشتنا الشركات والمصانع السودانية الضخمة التي تُنافِس هى الأخرى بجمالِ مصنوعاتها وجودة مُنتجاتها، فضلاً عن الفعاليات الثقافية المُصاحبة التي شهدنا بعضها. مما لا شك فيه أنّ من جاءوا بفكرةِ المعرض وقاموا بتنفيذه بشكلهِ البديع هذا، كان هدفهم من تأسيسه أن يكون واجهة اقتصادية وثقافية واجتماعية للسودان، لتبادل المعارف والمصالح، وأن يُستفاد منه كساحة عرض واسعة للمنافسة، وتحسين مستوى المُنتج السوداني، وبوابة مُشرعة آمنة لمن يُريد استثمار أمواله وخبراته في السودان، رُبما دخل منها البعض وقتها واستثمروا في بلادنا ونجحوا، ومُعظم المشاريع الأجنبية الضخمة المُدمّرة (حاليا) كان لمعرض الخرطوم عندما كان (دوليا) دور فيها، وحماقاتنا السياسية المتوالية للأسف كانت سبباً في تدمير كُل المشاريع، وفي تدمير معرض الخرطوم الذي لم يعُد فيه مكاناً للشركات العالمية الكُبرى، ولا لرجال الأعمال أصحاب رؤوس الأموال الضخمة (سودانيين وأجانب). في تقريرٍ لها عن معرض الخرطوم الدولي ذكرت وكالة سونا للأنباء أنّ للمعرض مسيرة عطاء وإنجاز لاينكره اثنان، باعتباره واجهة اقتصادية , ومنتدى ثقافي ,وملتقى اجتماعي ينتظره سنويا فى مطلع كل عام المواطن العادي, ورجل الاعمال, والاعلامى, والسياسى والمراقب، وأنّ حقبة اواخر السبعينيات من القرن الماضى تُعتبر عصراً ذهبياً لمعرض الخرطوم الدولى، وكانت الدورة الاولى له قد شهدت مشاركة أكثر من (32) دولة من مختلف القارات ولم يشهد لها مثيل حتى الآن، من بينها الصين واليابان إضافة إلى إشتراك الدول النامية، ثم كانت اول تجربة لاشتراك السوق الأوروبية (الاتحاد الاوربى حاليا) في معرض موحد فضلا على مشاركة دول أوروبية لم تكن مشتركة في السوق الاوروبى. اعجب لمن صادق ووقّع على فكرةِ اقامة معرض الخُرطوم في هذا التوقيت، يا تُرى ماذا يُريد هؤلاء، ومن يُغامِر بالمجئ إلينا واخبار الدمار والخراب والانفلات الأمني في بلادنا تُنافِس أخبار الحرب الروسية الأوكرانية، وأي مشاريع وخطط هذه التي وضعها هؤلاء لجذب المُستثمر (السوداني والأجنبي) للمُشاركة والاستثمار عندنا في هذا الوقت، وحال البلاد المائل وخلوها من أي مشاريع انتاجية لا يحتاج منّا لتأكيد، أم هي فعالية والسلام سعى واجتهد هؤلاء لاقامتها الأن لتدوينها في سجل انجازاتهم الخاوي. سُئل حكيم .. كيف لزوار المعرض الوصول إليه والجسور مُغلقة بالحاويات..؟ فتبسّم ضاحكاً من السؤال ولم يرُد.

صحيفة الجريدة

Exit mobile version