الحساسية التي يسببها الطعام حالة طالما أقضت مضاجع الأهل والأبناء، وجعلتهم يعيشون في قلق دائم من تفاعل الجهاز المناعي بشكل غير طبيعي مع أنواع محددة من الأغذية. وتتفاوت أنواع التفاعلات وخطورتها لتصل أحياناً إلى الوفاة. وفي حين كثرت الأبحاث، التي تحاول إيجاد حلول جذرية للمشكلة، برزت أخيراً مساعٍ واعدة تبشّر بخلاص نهائي يعيد الثقة للمصابين ويسعفهم لعيش حياتهم بشكل طبيعي.
بعد وفاة ابنتهما في الخامسة عشرة من العمر جراء حساسية الطعام، افتتح والدا ناتاشا عدنان لابروز «مؤسسة ناتاشا لأبحاث الحساسية ضد الطعام»، وبدآ من بريطانيا تجارب سريرية تحقق فيما إذا كانت منتجات الفول السوداني والحليب الشائعة تستخدم كعلاج للمصابين بالحساسية، إذا ما تم تناولها تحت إشراف طبي، وفقاً لبروتوكولات معيارية محددة.
وترمي التجارب على العلاج المناعي الفموي، التي بلغت تكلفتها 2.2 مليون جنيه إسترليني، إلى ردم الهوة القائمة في الأبحاث الحالية عبر الإثبات بأن الأطعمة التي نتناولها يومياً يمكن أن تشكل بديلاً عن العقاقير الطبية باهظة الثمن.
وتعتبر هذه التجارب، الممتدة على ثلاث سنوات، الدراسة الأساسية الأولى الممولة من «مؤسسة ناتاشا لأبحاث الحساسية ضد الطعام»؛ وإذا نجحت التجارب، بحسب ما ذكر موقع «فوود نافيغايتور»، فإن المشاركين ممن يعانون من مثل هذه الأنواع من الحساسية بشكل دائم «سوف يتمكنون من عيش حياتهم بحيث لا يعودون مضطرين لتجنب المأكولات الشهيرة، التي قد تحتوي على كميات صغيرة من مسببات الحساسية جراء خطوط إنتاج المصانع أو من خلال الاحتكاك المتقاطع، كما سيتمكنون من تناول أطعمة معروفة كالكيك والكاري والبيتزا بشكل آمن مع أصدقائهم».
Sorry, the video player failed to load.(Error Code: 101102)
وتتخذ المنحة السخية شكل الهدية المقدمة من المؤسسة إلى جامعة ساوثهامبتون، تحت اسم «تجارب ناتاشا»، على أن تجري أبحاثاً على كافة أنواع «الأطعمة اليومية» كبديل عن العقاقير الطبية المكلفة للعلاج المناعي الفموي. ويمكن للخطوة أن تفتح الأبواب أمام «علاج مبدئي على مدى الحياة لملايين من الناس حول العالم ممن يعيشون مع الحساسية، وبجزء يسير من التكلفة».
وسوف تجند الدراسة 216 شخصاً تتراوح أعمارهم بين الثالثة والـ23 عاماً ممن يعانون الحساسية من حليب الأبقار، وآخرين تتراوح أعمارهم بين السادسة والـ23 عاماً ممن لديهم حساسية من الفول السوداني. وسيعقب الفترة الأولية الممتدة على 12 شهراً للتخلص من الحساسية، خضوع المشاركين لفترة مراقبة تمتد على سنتين من أجل الاستدلال على إجراءات السلامة وفعالية التكاليف على المدى الطويل.
ويكمن الهدف في الحصول على مستوى من الأدلة يمكن معها الوصول لمرحلة المصادقة على العلاج المناعي الفموي المستخدِم لأطعمة متوفرة تجارياً، من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
ويشير نديم عدنان لابروز معلقاً: «تلك هي الخطوة الأولى الأساسية في مهمتنا لجعل حساسية الطعام مجرد ذكرى. وتكمن الغاية في إنقاذ الأرواح وتفادي عمليات الدخول إلى المستشفيات بحالات حرجة عبر تأمين الحماية لمدى الحياة لمواجهة تفاعلات الحساسية الخطرة على أي نوع من الطعام أو المكونات الغذائية».
وأضاف بأن نجاح التجربة سيمكن الناس، ما إن يتم تخليصهم من الحساسية تحت المراقبة الطبية، من أن يتحكموا بحياتهم ويبقوا بمأمن من الإصابة عند تناول الأطعمة العادية التي نشتريها من المتاجر، دون الحاجة إلى الاعتماد على منتجات طبية باهظة الثمن.
مزمز