أصدر خبير الأمم المتحدة المعين المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، أداما دينغ، بياناً صحفياً، في ختام زيارته للسودان. أدان فيه العُنف ضِدَ المُتظاهرين، مُشجِّعاً جميع السودانيين على الإسهام في الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية واستئناف الإصلاحات القانونية.
وقال أداما دينغ: “أود أن أقول إنني صدمت بمقتل شاب أمس أثناء التفريق العنيف للاحتجاجات، من قبل قوات الأمن بمناسبة إحياء ذكرى مجزرة فض الاعتصام في 3 يونيو المؤيد للديمقراطية في الخرطوم عام 2019. لقد دعوت كما دعا العديد من الآخرين – إلى ضبط النفس أمس. ومع ذلك، يبدو أن هذه الدعوة لم تتم الاستجابة لها، ووفقًا لمعلوماتنا، تم استخدام الذخيرة الحيّة لتفريق المتظاهرين. لا يُمكن أن يكون هناك مبررٌ لإطلاق الذخيرة الحيّة على المتظاهرين العُزّل”.
واضاف في بيانه: “بحسب ما ورد توفي هذا الشاب بعد إصابته برصاصة في صدره. هذه مأساة – كل حالة وفاة هي مأساة للسودان – شاب آخر تعيش عائلته في حداد اليوم. يجب التحقيق في قتله على الفور، ومحاكمة الجناة. سأتابع هذه القضية وغيرها من حالات انتهاكات حقوق الإنسان في حواراتي المستمرة مع السلطات”.
وأعرب أداما دينغ، عن تقديريه للسلطات على تعاونها وتيسيرها لزيارته. وأوضح أن الغرض الرئيسي من هذه الزيارة هو مُواصلة تواصله مع السلطات بشأن الشواغل ومباعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان ذات الصلة بالانقلاب، ومُتابعة التوصيات التي قدّمها في نهاية زيارته الماضية في فبراير الماضي، والاستماع إلى المجتمع المدني وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد أن زيارته ستسهم في الحوار التفاعلي المعزز بشأن السودان الذي سيُعقد في 15 يونيو خلال الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان، الذي سينظر فيه المجلس في التقرير الكتابي الشامل عن حالة حقوق الإنسان في السودان الذي أعدّه بالتعاون مع المكتب المُشترك لحقوق الإنسان بالسودان، والذي سيتم نشر التقرير في 7 يونيو.
وقال: “خلال هذه الزيارة، التقيت بوزيري الخارجية والعدل المكلفين والنائب العام المكلف، فضلاً عن الآلية الوطنية لحقوق الإنسان. لسوء الحظ، لم يكن الجنرال محمد حمدان حميدتي متاحًا لمقابلتي، ولكن ربما أقابله لاحقاً اليوم. ومن المقرر عقد اجتماع مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، قبل أن أغادر بعد ظهر اليوم. كما التقيت بممثلي المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو أسرهم ومسؤولي الأمم المتحدة وأعضاء السلك الدبلوماسي”.
مضيفاً: “لقد تأثّرت بشجاعة وتصميم المدافعين عن حقوق الإنسان وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأسرهم وسط التحديات التي يواجهونها. وتبرز تجاربهم مدى تعقيد وحجم تحديات حقوق الإنسان التي يواجهها الشعب السوداني والفجوات المستمرة في المساءلة والمحاسبة”.
وأعلن أداما دينغ، ترحيبه للسلطات برفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين الذين تم اعتقالهم بموجب قانون الطوارئ، وكذلك إطلاق سراح مسؤولين رفيعي المستوى تابعين للجنة التفكيك الشهر الماضي، “غير أنني شددت على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر جرأة وملموسة لتحسين حالة حقوق الإنسان لبناء الثقة؛ وحثثتهم على الإفراج عن جميع الأشخاص الموقوفين بموجب قانون الطوارئ، وفق ما أوصى به مجلس الأمن والدفاع؛ وتقديم تأكيد واضح وعلني بأن مرسوم الطوارئ المؤرخ 24 ديسمبر، الذي ارتبط بمدة حالة الطوارئ، لم يعد سارياً؛ وضمان وضع حدٍّ نهائي لاستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين والاعتقال والاحتجاز التعسفيين؛ وضمان إحراز تقدم ملحوظ في التحقيقات الجارية في انتهاكات حقوق الإنسان وإجرائها بما يتماشى مع القانون الدولي والمعايير الدولية”.
وواصل في بيانه: “لقد عبّرت عن قلقي العميق من انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة منذ الانقلاب. من غير المقبول ببساطة مقتل 99 شخصًا وإصابة أكثر من 5000 نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن المشتركة ردًا على الاحتجاجات. كما أعربت عن قلقي إزاء الاعتقال التعسفي والجماعي والاحتجاز الانفرادي في كثير من الأحيان لأعضاء لجان المقاومة والمتظاهرين والناشطين والإعلاميين وغيرهم في سياق الاحتجاجات والعنف الجنسي وأعمال التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاعتقال وأثناء الاحتجاز وعدم وجود محاكمة عادلة وضمانات للإجراءات القانونية الواجب اتباعها”.
ومضى في القول: “وفيما يتعلق بالمحاسبة، أُبلغت بأن لجنة التحقيق التي شكلتها السلطات للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة منذ الانقلاب أكدت أربع حالات عنف جنسي في سياق الاحتجاجات وأحرزت تقدماً في التحقيقات في قتل المتظاهرين. ومع ذلك، شددت للسلطات على الحاجة إلى تسريع العملية وتقديم معلومات للجمهور حول تقدم عمل اللجنة”.
وأوضح في البيان: “في التقرير المُقدم إلى مجلس حقوق الإنسان، أشرت إلى المعلومات التي قدمتها السلطات في فبراير بشأن عدد ضباط الشرطة الذين قُتلوا وجُرحوا أثناء الاحتجاجات. أفهم أن قضية محمد آدم، المعروف باسم توباك، وهو متظاهر شاب تم القبض عليه للاشتباه في تورُّطه في وفاة عميد شرطة خلال مظاهرة في يناير، التقيت بأسرته عندما كنت هنا في فبراير، انتقلت القضية الآن إلى المحاكمة. إنني أحث السلطات على ضمان حق الجميع في محاكمة عادلة”.
وشجع أداما دينغ، جميع السودانيين على الإسهام في الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية واستئناف الإصلاحات القانونية والمؤسسية المهمة التي بدأتها الحكومة الانتقالية. وأكد أن أي مبادرات سياسية يجب أن تقوم على حقوق الإنسان إذا أريد لها أن تنجح وأن تشمل العدالة والتعويضات للضحايا ومساءلة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
صحيفة السوداني