لايزال قرار الحكومة برفع الدعم عن الوقود يفاقم من المشكلات الاقتصادية ويثقل كاهل المواطن في ظل إحجام المجتمع الدولي عن دعم الحكومة السودانية، ما خلَّف واقعاً اقتصادياً قاسياً على الشعب السوداني، حيث ألقى ارتفاع أسعار الوقود بظلاله على أسعار جميع السلع، وسيؤدي – بناءً على توقعات خبراء اقتصاديين – إلى انهيار كبير في العديد من القطاعات، ويساهم في زيادة معدَّلات البطالة واتساع قاعدة الفقر بالبلاد وتمزيق الوضع الاجتماعي.
(الصيحة) استنطقت خبراء اقتصاديين عن آثار زيادات الوقود الأخيرة على المواطن والقطاعات الأخرى.
البقرة الحلوب
قال الخبير الاقتصادي د. حسن القوني، لـ(الصيحة): إن الحكومة في ميزانية 2022م، لجأت إلى البقرة الحلوب (المواطن) لتمويل ميزانية الدولة بفرض رسوم كبيرة أثقلت كاهله تدرَّجت في فرض زيادات كبيرة على أسعار الكهرباء والوقود والمياه والضرائب وزيادة الدولار الجمركي وغيرها من الرسوم التي بدورها أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة عامة وارتفاع معدَّلات التضخُّم بصورة مستمرة وغير مسبوقة .
آثار سالبة
وأشار القوني، إلى الآثار السالبة جراء زيادة الوقود على الاقتصاد ككل وانعكاساته على قطاع النقل والذي سيؤدي إلى ارتفاع وزيادات كبيرة لا تواكب دخل المواطن ولا تغطي تكاليف المعيشة، وقال: إن سياسة الحكومة تلك ستعمل على إرهاق القطاع الزراعي والنقل، وبالتالي بات التباطؤ في النشاط الاقتصادي سمة عامة للاقتصاد، وأخشى من النتائج السالبة في مجال شراء القمح بسبب عدم توفير النقد على الموسم الزراعي الجديد، وإذا استمر الحال – كما هو عليه الآن – سيكون هناك نقص كبير في المخزون الاستراتيجي وستتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمشكلات الأمنية، ومن جانب آخر ستتأثر العلاقات الأسرية، وهذا من شأنه أن يؤثِّر على مسار الثقافات والموروثات ونكون بلا علاقات أسرية، كما في البلدان الغربية.
الوضع السياسي
وقال د. حسن: إن الوضع السياسي اليوم ما زال محتقناً وكاد أن يفقدنا الدعم الخارجي الذي كان شروط رجوعه بتحسين الوضع السياسي والرجوع إلى التحوُّل الديموقراطي، وهذا يعني أن السودان عاد إلى المرحلة التي كان عليها في السابق، سيظل معزولاً من المجتمع الدولي وسيعاني من مزيد من المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية، معرباً عن أمله أن يسعى القادة السودانيين إلى التنازل والوصول إلى اتفاق يجنَّب البلاد المشاكل الاقتصادية والأمنية في غياب الديموقراطية والاستقرار السياسي.
عجز الميزانية
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي د.هيثم محمد فتحي: إن الزيادة الجديدة في أسعار المحروقات، بسبب: ارتفاع أسعار النفط بالأسواق العالمية مع تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، وكذلك زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه السوداني، الذي انعكس على ارتفاع فاتورة استيراد الوقود من الخارج وزيادة أسعار الشحن عالمياً، وأضاف: إن ارتفاع أسعار النفط العالمية لا يمكن للحكومة أن تتحمَّلها بمفردها، تجنّباً لمزيد من الضغوط على عجز الميزانية.
عدم المغالاة
وأشار فتحي، في حديثه لـ (الصيحة) إلى رفع أسعار المحروقات سيزيد من أسعار تكاليف الزراعة بنسبة (30%) على الأقل، وأن الزيادة في أسعار الوقود تمثِّل جزءًا من تكلفة المنتجات والسلع،
وشدَّد على أهمية عدم المغالاة من أصحاب الشركات والتجار في رفع الأسعار، خاصة أن رسوم النقل للسلع لا تتجاوز نسبة (10%) من القيمة الإجمالية لها في أكثر الاحتمالات، ما يعني أن الزيادة في أسعار البنزين تؤثر بنسبة لا تتعدى (2%) في سعر السلعة، لأننا من خلال التجارب السابقة فإن زيادة أسعار البنزين تعد الذريعة الأقوى لرفع أسعار المواد الاستهلاكية، وزيادة حجم الاقتصاد السري تزيد من تلك المعاناة.
كساد تضخمي
ولفت فتحي، إلى أن القرار له تأثير على المواطنين ويدفع إلى تراجع المبيعات لضعف حركة الشراء، ويسبب كساداً وتضخماً سيؤثر على الاقتصاد بشكل كلي ويدفع إلى مزيد من تراجع قيمة الجنيه وارتفاع التضخم.
وقال: إن السودان اعتمد آلية تسعير ترتكز على وضع معادلة سعرية تشمل أسعار البترول العالمية وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى أعباء التشغيل داخل البلاد التي تؤدي إلى ارتفاع وانخفاض سعر المنتج حسب التغيير في عناصر التكلفة بما يسهم في خفض تكلفة دعم الطاقة في الموازنة العامة للدولة على ألا تتجاوز نسبة التغيير في سعر بيع المستهلك (10%) ارتفاعًا وانخفاضًا عن سعر البيع الساري والحالي.
الخرطوم: سارة
صحيفة الصيحة