ملكة جانسي لا يعرفها الا الذين يترددون بصفة دائمة على مطار الخرطوم، ولمن لا يعرفها فانها العقيد شرطة جمارك (الهام).. هذه السيدة والله لم نرها قط حتى يومنا هذا، بل ونجهل تماماً تفاصيل شكلها، ولكن سبقتها سمعتها واصبحنا نعرفها جيداً من خلال الرهبة التى تخلفها فى نفوس كل من يرتادون المطار، ويتجنبها كل من ينوى حمل شيء غير مألوف حتى ولو لم يكن ممنوعاً، ولكن لأن الجميع يعلم ان الهام وورديتها لا يتساهلون ابداً، وان دقتهم فى التفتيش والتدقيق تخلق هالة من الرعب فى نفس كل من تسول له نفسه حمل مبالغ زائدة او اخفاء اى شيء، ففى ورديتها منتهى الصرامة والدقة والتفتيش الدقيق، وهذه السيدة نسمع اسمها بعيد كل ضبطية تتم، فهى وكوادر ورديتها الاكثر تشدداً ويحققون اعلى معدلات الضبطيات، فهى التى سبق ان حققت ضبطيات ضخمة احبطت بموجبها مئات المحاولات لتهريب الذهب والفضة والاموال بالعملات الاجنبية والمحلية، بل انها كانت تشتبه حتى فى احذية الرجال وتخضعها للتفتيش، فهى وطاقمها اول من احبط محاولات تهريب الذهب باخفائه عبر الارحام وفى فتحات الجسم المختلفة لدى الجنسين.
العقيد الهام، او كما يحلو للجميع تسميتها بملكة جانسي، حققت وطاقم ورديتها مئات الانجازات والضبطيات الكبيرة والضخمة، فهذه المرأة التى تكرس وقتها وجهدها لحماية ثغر المطار وتهمل بيتها من أجل حماية الوطن كان ينبغى ان تكرم لا ان توضع فى الايقاف، ويحبس طاقمها بسبب عملية تهريب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا ذنب لهم سوى ان المهرب زميل، وهل من حق ضابط ان يمنع زميله الضابط من ممارسة عمله، وهل كان ينبغى لملكة جانسي وقتها ان تستل سيف تفتيشها وتحرج زملاءها باخضاعهم للتفتيش قبل العبور؟ علماً بأن الزميل المتهم يعتبر دخوله وعبوره عبر الصالات امراً طبيعياً باعتباره يمارس عمله فهو ضابط جوازات.
ما حدث للعقيد الهام وزملائها ما كان يجب ان يحدث، وما كان يجب ان يوقفوا عن العمل، خاصة انهم بريئون براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وان اية محاولة للزج بهم كمتهمين او مشاركين فى التقصير تعتبر هضماً لحقوقهم، وحتما ان تم عرضهم على محكمة فلن تطولهم المسؤولية التقصيرية، خاصة ان الذهب كان يحمله زميل تسمح له وظيفته بالدخول في الصالات، بينما غير مخول لسلطات الجمارك اخضاعه للتفتيش اثناء تأدية عمله، اللهم الا ان كان هو مسافراً.
سعادة وزير الداخلية الفريق اول عنان حامد.. لا ينبغى ان تتبع إجراءات تهضم حقوق هؤلاء الضباط المظلومين، فليس الظلم من شيمتكم، كما اننا نعلم جيداً انها اجراءات ادارية داخلية الغرض منها ارهاب القوة منعاً لتكرار وقوع مثل هذه الحوادث، ولكن ان علمتم صدى هذا الفعل لتأسفتم كثيراً، ويؤسفنى ان اقول ان ايقاف امثال هؤلاء المثابرين يعتبر امراً محبطاً للهمم، وحتى ان قرروا العودة الى وظائفهم فلن يكونوا بذات الهمة والاجتهاد والنشاط.
سيدى الوزير نخشى ان نقول انكم جازيتم ملكة جانسى ورفاقها جزاء سنمار، واصبتموها فى مقتل حينما حكمتم عليها بالايقاف، وكأنها أوعزت للضابط المتهم او شاركته او حتى بينهم سابق معرفة.
نأمل أن تراجعوا قراراتكم فليس العيب ان نخطئ، ولكن العيب ان نتمادى فى اخطائنا.
صحيفة الانتباهة