الودائع المصرفية .. تراجع يعيق التمويل
أشار تقريرالبنك المركزي السوداني عن الأداء المصرفي خلال إبريل المنصرم، أشار إلى تراجع ودائع العملاء بالمصارف باب المخاوف حول مصيرالمصارف والجهاز المصرفي ككل خلال الفترة المقبلة وكيفية تجاوز هذه المشكلة التي تحد من نشاطها التمويلي للقطاعات الإقتصادية الحيوية، في الوقت الذي تتنامى وتنشط فيه حركة رؤوس الأموال المسحوبة من قبل العملاء في القطاعات غيرالإنتاجية لأغراض التخزين أوالسمسرة والاتجار في السلع ذات الربح السريع كالدولار والذهب والأراضي وغيرها، السوداني استنطقت مصرفيين واقتصاديين حول قراءاتهم لما وراء التقرير من آثار سالبة على الاقتصاد الكلي .
بنوك القطاع الخاص
المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي قال لـ(السوداني) إن انخفاض نسبة الودائع طويلة الأجل يقف عائقًا أمام بنوك القطاع الخاص عند تمويل المشروعات طويلة الأجل، وأن هناك خطورة من زيادة نسبة الودائع قصيرة ومتوسطة الأجل، لأن تأثيراتها ستكون عنيفة حال زيادة حالات التعثر.
وحمل ارتفاع أسعار الذهب مسؤولية تراجع نمو الودائع، والذي قال إنه تسبب في دفع بعض أصحاب الفوائض المالية للاستثمار فى الذهب، كما تأثر نمو الودائع بارتفاع سعر الدولار فى السوق السوداء، ما أدى إلى الاتجاه بالفوائض المالية للاستثمار فى الدولار بيعًا وشراء بالسوق السوداء، أو اكتناز الدولار خارج نطاق الإيداع بالبنوك، ويضاف إلى هذا تخلي بعض المستثمرين عن فكرة التوسع باستثماراتهم وانكماش حجم بعض الأعمال القائمة.
اهم المؤشرات
ونشر بنك السودان المركزي أهم المؤشرات للأداء في القطاعين النقدي والخارجي وسعر الصرف ورصيد التمويل المصرفي بالعملة المحلية حسب القطاعات في شهر إبريل المنصرم فقد أظهرت المؤشرات أنّ عرض النقود ارتفع من3,820,363 مليون جنيه في مارس إلى 3,983,689 مليون جنيه في إبريل الماضي بمعدل نمو بلغت نسبته 20.8%، بينما انخفض إجمالي الودائع بجميع أنواعها (الجارية، والادخارية والاستثمارية) في إبريل إلى 2,398,793.8 مليون جنيه مُقارنةً بمارس 2,409,313.6 مليون جنيه.
وبالنسبة للتمويل المصرفي خلال الفترة (1 -30/04/2022)، بلغ المتوسط الترجيحي لهوامش أرباح المرابحات 23.8% ونسب المشاركات57.5% فيما يتعلق بنسب التضخم فقد انخفض معدل التضخم من 263.1% بنهاية مارس 2022م إلى 220.7% بنهاية إبريل 2022م.
ارتفاع مقترن بالقروض
وشرح د. فتحي مسببات ارتفاع ودائع البنوك، مشيرًا إلى أنها ترتفع نتيجة لزيادة القروض التي تقدمها البنوك لجميع العملاء من شركات وجهات حكومية وشبه حكومية، وزاد :هذا هو صلب عمل البنوك، وهو ما يعرف بقدرة البنوك على إيجاد النقود من لا شيء.
وذهب إلى عدم ضرورة تصنيف ارتفاع الودائع المصرفية بالإيجابي أو السلبي، وقال إن ذلك الارتفاع ينتج بسبب عمليات الإقراض التي تقوم بها البنوك لجميع العملاء، وبالتالي لمعرفة ما إذا كان نمو الودائع إيجابيًا أم سلبيًا، علينا معرفة أسباب الاقتراض.
وأشار إلى أن الاقتصادات الحديثة تعد عملية نمو الائتمان والتوسع في الاقتراض أمرًا محمودًا إذا كانت نسبة كبيرة من هذه القروض يتم توجيهها لطرق استثمارية وتنموية، وليس فقط بهدف سد الاحتياجات الاستهلاكية المعيشية.
وألزم البنك المركزي في سياسات النقدية الحالية للعام 2022 المصارف بضرورة ضبط التوسع النقدي وتحجيم دور البنك والمصارف في تمويل الحكومة وتعزيز تمويل القطاع الخاص لخدمة القطاعات الإنتاجية وزيادة نمو القاعدة النقدية بمعدل (13)% ونمو عرض النقود بمعدل (22)% بنهاية العام واستدعاء ودائع بنك السودان المركزي والقروض الحسنة طرف المصارف ومساهماته في المحافظ الاستثمارية التي حان أجلها ومنع جدولتها أو رسملتها .
ودعا د.هيثم فتحي المصارف السودانية لاتباع نهج سليم تستند إليه عند ارتفاع معدلات التضخم تلافيًا لتراجع وهبوط الأرباح الحقيقية للودائع الاستثمارية وللحد من تآكل رأس المال.
السيولة عامل حاسم
وقال إن هنالك ضغوطًا كثيرة أثرت على تراجع الودائع المصرفية منها الارتفاع الملحوظ في الأسعارالعالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة لتقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة؛ ما أدى لضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجي.
ولفت إلى أن العامل الأساسي الذي يؤثرعلى قدرة البنوك في توفير التمويل للاقتصاد بكافة قطاعاته هو توفر السيولة لديها. وما يؤثر على السيولة بالمقام الأول هو نمو الودائع بمختلف أشكالها لأنها المكون الرئيس للسيولة في الاقتصاد، مؤكدًا تأثر ذلك بحجم النشاط الاقتصادي وحجم التحويلات والمساعدات وإيرادات الصادرات، والأهم من ذلك هو منح الائتمان من البنوك وغيرها من المؤسسات المالية، فكل قرض أو تمويل جديد هو وديعة جديدة تصب في مكونات السيولة.
ونشر موقع بنك السودان المركزي بحسب وكالة الأنباء الحكومية سونا ـ في آخر نشراته الدورية التي تصدر عن إدارة الإحصاء مؤشرات تدفق التمويل المصرفي لقطاعات الزراعة والصادر والنقل والتخزين والتجارة المحلية والطاقة والتعدين والتشييد والعقارات والاستيراد وعدد من القطاعات الأخرى وموقف التعامل في الأوراق المالية وميزان المدفوعات وموقف السيولة وسعر الصرف.
وأبدى المحلل المصرفي د.عثمان التوم تعجبًا واضحًا لارتفاع عرض النقود لهذا النحو وقال في حديث لـ(السوداني) إن البنك المركزي عمد إلى زيادة نسبة الاحتياطي النقدي القانوني للمصارف بالاحتفاظ بأرصدة نقدية لدى البنك المركزي بنسبة (20)% بالعملتين المحلية والأجنبية بهدف تقليل عرض النقود وللحد من إفراطها في التمويل، وأشار إلى إمكانية قيام الحكومة بطباعة نقود إضافية مما يتسبب في ارتفاع عرض النقود .
وألمح التوم إلى تراجع الودائع المصرفية نتيجة للجوء العملاء لسحبها وإستثمارها في اقتصاديات الهامش كشراء العملات الأجنبية والذهب والعقارات والسيارات لتكون مخزنًا للقيمة .
واستبعد تعرض البنوك للإفلاس نتيجة لتراجع الودائع وارتفاع عرض النقود وقال إن البنوك لن تفلس ولكنها ستصبح غير قادرة على تمويل السلع الاستراتيجية التي تحتاجها البلاد، وتحجم كذلك قدرة البنوك على منح التمويل المصرفي المطلوب، فضلًا عن تسبب زيادة عرض النقود في ارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية (الجنيه) مقابل العملات الأجنبية وزيادة الطلب على الدولار بالسوق الموازي ما يؤدي لارتفاع أسعاره بشكل كبير.
الخرطوم: هالة حمزة
صحيفة السوداني