محمد عبد الماجد يكتب: حميدتي من (الفريق خلا) إلى (الفريق رجل أعمال)!
(1)
الخلخلة الحقيقية التي حدثت في (الجيش) بدأت في حكومة الانقاذ التي ارتكبت في (القوات المسلحة) جرائم تمس أمن الوطن واستقراره ويمتد تأثير ذلك على المستقبل والأجيال القادمة، حيث يمكن ان يتعرض الوطن الى (تفتت) اراضيه و(تشتت) شعبه بسبب السياسات العسكرية (الخبيثة) للعهد البائد.
قصدوا ان يجعلوا الوطن في هذا الوضع اذا رحلوا من السلطة.
النظام البائد خلق (جيوشاً) موازية مختلفة للقوات المسلحة ، التي انحصر دورها في حكومة الانقاذ في امور ثانوية جعلت القوات المسلحة السودانية يكتفي تابعوها ومنسوبوها فقط بصرفة المواد التموينية والإشراف على الجمعيات التعاونية والمهرجانات الرياضية، وهم اهل عزة وأصحاب شموخ، مقامهم يبقى دائماً اكبر من ذلك . هذا الامر افقر القوات المسلحة وأضعفها في بلاد متعددة الاطراف والأجناس وشهدت اراضيها اطول حرب اهلية في القارة الافريقية.
حكومة الانقاذ ابعدت (القوات المسلحة) عن صميم عملها عندما وقعت الحكومة السودانية اتفاق السلام في 2005م دون ان يكون للقوات المسلحة السودانية دور في ذلك الاتفاق لتنتهي الاتفاقية الى (الانفصال) ونظل ندفع ثمن ذلك في الحاضر والمستقبل وقد يمتد اثر ذلك الى ان تقوم الساعة.
لو كانت القوات المسلحة مشاركة في اتفاقية السلام التي كانت اتفاقية (سياسية) خالصة لما انتهى بنا الامر الى ما وصلنا اليه الآن.
ما وقع فيه النظام البائد من اخطاء شنيعة في اتفاقية السلام مع جنوب السودان وقع فيه هذا النظام في اتفاقية سلام جوبا مع الحركات المسلحة.. التي وقعت معها السلطة اتفاقاً على (السلام) وتركت (قواتها) تأكل من خشاش الارض وهي تحمل سلاحها وتتحرك بين الناس.
(2)
دور (الجيش) مهم ومهامه لها الاولية والصدارة فهم من يحمون اراضي الوطن وشعبه وهم من يثبّتون الامن والاستقرار.
اذا انتقلت مهام الجيش من (حماية) الشعب الى (ترويعه) فتلك هي (الكارثة) ذاتها.
لا نريد ان نقصي (الجيش) من الساحة فهذا امر يمكن ان يعرض البلاد الى الزوال.. ولكن نريد من (الجيش) ان ينصرف في مهامه الاساسية التي حددها الدستور وهي مهام عظيمة ومقدسة لا يمكن التقليل منها، كفى القول ان تلك المهام تتقدم على كل شيء.
لا نريد للجيش ان يدخل في امور ليست من اختصاصه.. هذه اشياء تضر بالجيش قبل ان تضر بالمدنيين.
أسوأ ما اورثنا له النظام البائد هو تلك (الجيوش) المتعددة والموازية للقوات المسلحة.
كنت اكتب عن ان البلاد يوجد فيها سبعة جيوش لأعلم بعد ذلك ان عدد الجيوش في البلاد وصل الى تسعة جيوش من دون الجيش القومي للبلاد.
اخشى ان يصبح هناك جيش للهلال وجيش للمريخ وجيش للموردة وجيش للأهلي شندي .
هذا يعني ان البلاد الآن فيها عشرة جيوش، للصرف على هذه الجيوش ونحن في حالة (السلم) نحتاج الى ميزانية الولايات المتحدة الامريكية ، اما الصرف على تلك الجيوش اذا دخلنا الى حالة (الحرب) فهذا ما لا تجد حتى الولايات المتحدة الامريكية طاقة له.
كيف يكون الوضع اذا دخلت هذه الجيوش في خلافات وصراعات وحروب ؟ اضبطوا هذه الجيوش ونحن في حالة (سلم) لأن هذه الجيوش اذا اصبحنا في حالة (حرب) لا يمكن ضبطها.
والنار من مستصغر الشرر، فكيف ان كانت هناك عشرة جيوش في البلاد؟
(3)
شهدت البلاد عبر تاريخها السياسي منذ الاستقلال خلافات بين الجانب المدني والجانب العسكري، وكان اصل هذا الخلاف يدور حول طبيعة (السلطة) في السودان ويدور الصراع والتجاذب والتشاكس الازلي بين سلطة عسكرية وسلطة مدنية.
الحقيقة هي اننا يمكن ان نقبل بسلطة (عسكرية) شريطة ان لا يكون هناك تعد عسكري على الاشياء والمؤسسات التي يجب ان تكون ذات طبيعة (مدنية).
لا يعقل ان تظل حكومة الانقلاب تنادي بالسلطة العسكرية وتعمل من اجل ثباتها والسلطة العسكرية قياداتها وجيوشها تمارس العمل (المدني) بصورة تخل بالاقتصاد وتهز امن البلاد واستقرارها الاقتصادي.
الذي نطالب به هو ان يخرج الجيش من (السوق) وان تكون استثمارات الجيش في الاطار الذي يجعلها تحت انظار اهل الاختصاص ومحكومة باللوائح والقوانين.
الجيش الآن ينافس المدنيين في الاقتصاد والاستثمار بمزايا ومخصصات وإعفاءات يجدها الجيش ولا يجدها المدنيون في الاقتصاد والاستثمار، هذا الشيء اضر بالاقتصاد السوداني ورفع الدولار وجعل الجنيه السوداني في حالة (هبوط) دائم ليحدث كل ذلك (الانهيار) في الاقتصاد.
حتى التنقيب عن الذهب دخلوا فيه!!
اخطر من ذلك ان الاستثمارات في الجيش والحركات المسلحة والدعم السريع اصبحت تتم بأسماء الشخوص وبنفوذهم الشخصي في السلطة.
القوات المسلحة قادرة على ان تحتفظ بقوميتها في كل الاحوال ولكن ماذا عن الجيوش الاخرى التي تكونت لدواع سياسية وقامت على خلفيات (قبلية) ونشأت من اجل (التصفيات)؟
قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يتحرك في الكثير من الملفات الاقتصادية بصفته (الشخصية) بل هو رئيس اللجنة الاقتصادية في بلاد حملة الدرجات العلمية في المجال الاقتصادي وحده يتجاوز عدد جنود قوات الدعم السريع.
حميدتي كان في الكثير من خطاباته قد اعترض على رتبة (الفريق خلا) التي تطلق عليه من باب المزاح (الشعبي).. الحقيقة الآن هي ان حميدتي ابتعد عن هذه الرتبة وصار في درجة واحدة مع اسامة داؤود وسعود البرير ووجدي ميرغني.
اصبح محمد حمدان دقلو هو (الفريق رجل اعمال) وليس (الفريق خلا) على غرار ما يطلق في الجيش على الذين يجمعون بين التخصص المدني والتخصص العسكري فيقال (الفريق طبيب) و(الفريق مهندس) ، ونقول الآن عن حالة حميدتي (الفريق رجل اعمال).
(4)
ابعدوا ثروات البلاد عن العسكر – لا يعقل ان يسيطر هؤلاء على السلطة وعلى الثروة في آن واحد.
هذا الجمع اشبه بالجمع بين الاختين ..هو امر يولد الفساد والخراب ويجعل القوة في يد (البندقية) التي يفترض ان توجه من خلال مؤسسات (مدنية) وغرف (علمية) .. لا كما يحدث الآن وتتحرك من خلفية قبلية وعصبية بغيضة.
التطور والنمو يحدث من خلال (العلم) .. نحن نغلق هذا الباب في ظل هذا الصراع القائم على (الجهل).
(5)
بغم /
لا نشكك في (وطنية) حميدتي، ولا نملك نحن هذا الحق لنوزع تلك الصكوك على من نشاء، كل سوداني عندنا محل تقدير واحترام… على حميدتي لإثبات وطنيته ان يتراجع لا ان يتقدم.
لا نطلب منكم اكثر من التراجع.
السمو يحدث بالتضحية.. ليس هناك شهادة او جائزة او تقدير يمكن ان يمنح لمن اخذ الشهادات والجوائز والتقدير يمنح لمن اعطى وتنازل وضحى.
هذا الوطن كلمته سوف تبقى فوق الجميع.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة