يواجه أكثر من 40 مليون، سوداني، أزمات اقتصادية متفاقمة تضمَّنت ارتفاع معدَّلات التضخُّم وارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل: الأغذية، الأدوية والسلع الأخرى، من بينهم أكثر من مليون نازح داخلياً وحوالي 6 ملايين، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، حسب دراسات أممية صدرت مؤخراً .
مؤشرات نقص الغذاء
ومن العوامل التي ظلت تسهم بقدر كبير في انعدام الغذاء، الأعداد الكبيرة من النازحين، ومن بينهم اللاجئون من البلدان المجاورة، والوضع الاقتصادي المتقلِّب، وتزايد تقلُّب المناخ، التدهور البيئي، تفشي الأمراض، سوء التغذية وخطر الانتكاس مرة أخرى إلى نزاع محتمل والذي ظهرت بوادره بولايات البلاد المختلفة.
ولا يزال السودان يواجه باستمرار مستويات عالية من سوء التغذية الحاد والتقزُّم، ما يشكِّل مشكلة كبيرة على الصحة العامة ويعتمد الاقتصاد بشكل كبير على الزراعة، ومع ذلك فإن هذا القطاع عرضة لصدمات المناخ، والإنتاجية منخفضة بسبب الممارسات الزراعية غير المناسبة وخسائر ما بعد الحصاد.
مساعدات أممية
وسبق أن تلقَّى برنامج الغذاء العالمي في السودان مساهمة قدرها (8.24 مليون دولار، أمريكي) من إدارة التنمية الدولية للمملكة المتحدة لدعم أنشطة المساعدات الغذائية والنقدية للأسر السودانية الضعيفة.
وقال برنامج الغذاء العالمي في بيان: ” إن هذا التمويل المرن سيمكِّن برنامج الأغذية العالمي من تقديم المساعدات الغذائية والنقدية الطارئة للأسر السودانية الضعيفة التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وقال المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي في السودان إيدي رو، وفقاً للبيان: “يعاني واحد من كل أربعة أشخاص في السودان من الجوع الحاد، ونحن ممتنون للغاية للمملكة المتحدة على هذه المساهمة، والتي تأتي في وقت حرج في البلاد، حيث تتزايد الاحتياجات الإنسانية، والموارد المتاحة غير كافية للوفاء بها.
وأضاف: ” إن الطبيعة المرنة لهذا التمويل أمر بالغ الأهمية -أيضاً، لأنه يسمح لبرنامج الأغذية العالمي بالاستجابة بسرعة عند ظهور الأزمات، حتى نتمكَّن من تقديم المساعدة للأشخاص المحتاجين، حيثما يحتاجون إليها، وعندما يكونون في أمسَّ الحاجة إليها، وبهذا يرتفع إجمالي المساهمة المقدَّمة من إدارة التنمية الدولية للمملكة المتحدة في الخطة الاستراتيجية القطرية لبرنامج الغذاء العالمي في السودان خلال الفترة 2019-2023 إلى 44 مليون جنيه، إسترليني.
وفي عام 2021م، وصل برنامج الغذاء العالمي إلى ما يقرب من 8 ملايين، شخص، في السودان ويهدف البرنامج إلى الوصول إلى 9.3 مليون، شخص، في هذا العام 2022م، بدعم من المانحين الدوليين.
تقارير مقلقة
ويشير تقرير بعثة تقييم المحاصيل والأمن الغذائي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي إلى أنه من المتوقع أن يكون الإنتاج المحلي من الحبوب في الموسم الزراعي 2021/22 نحو 5.1 مليون، طن متري، وهذا سيغطي فقط، احتياجات أقل من ثلثي عدد السكان، ما سيترك الكثيرين يعتمدون على المساعدات الغذائية الإنسانية وعلى واردات الحبوب الأساسية بأسعار تفوق قدرة معظم الناس.
تسريع الحلول
وفي ذات السياق أكَّد المهندس عمار بشير، مدير الأمن الغذائي بوزارة الزراعة، رئيس شبكة الأمن الغذائي سودان على أهمية وضع حلول لمواجهة مهدِّدات الأمن الغذائي السوداني.
ودعا إلى تقوية الاعتماد على الإنتاج الغذائي المحلي، دون الارتكاز بصورة مستديمة على الاستيراد، وأوضح أنه آلية مطلوبة ومعمول بها في مجال الموازين الغذائية العالمية، كما دعا لتنشيط وتحريك التجارب الناجحة في مجال إنتاج غذائنا من منتوجاتنا المحلية مثل: الذرة والدخن والذرة الشامية.
وأشار إلى أهمية بناء وتقوية وتحديث مخزونات السودان الوطنية الغذائية ومستودعات الطاقة، لمواجهة مثل هذه الأوضاع التي حتماً سترمي بظلالها على السودان مثله مثل الدول الأخرى، بالإضافة إلى تنويع وتشكيل مصادر أسواق الغذاء الخارجية، وعدم الاعتماد على منطقة أو إقليم واحد للاحتياجات الخارجية من الغذاء، لتجنيب البلاد المعادلات السياسية والاقتصادية الخارجية.
ونبَّه متخذي القرار قائلاً: “علينا بالتركيز والاعتماد بصورة أكبر على أجهزة بياناتنا الوطنية في مجال إمدادنا وتدعيم قرارنا الوطني في جانب الغذاء وأوضاعنا الغذائية، والعمل على تقوية وتمكين وتفعيل هذه الأجهزة لتكون حاضرة في مجال البيانات الوطنية الغذائية، داعمةً لمتخذ القرار كافيةً له في هذا الشأن.
وتأتي تصريحات عمار، رداً على التحذيرات التي أطلقت في موقع برنامج الأغذية العالمي، حيث حذَّرت كل من: منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالم، من أن التأثيرات المجتمعة الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد تؤثر بشكل كبير على إمكانية حصول الناس على الغذاء، ومن المرجح أن تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون، شخص، بحلول سبتمبر 2022م.
وقال إيدي رو، ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان: “هناك بالفعل علامات مقلقة على تقلص إمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمُّل تكاليفه وتوفره بالنسبة لمعظم الناس في السودان، ما يدفع عدد أكبر من الناس إلى المزيد من الفقر والجوع.
ضعف البنيات التحتية
ويشير الباحث السوداني محمد إبراهيم، إلى أن السودان يعاني ضعف البنى التحتية بصفة عامة، ونقص شديد في الطرق بصفة خاصة، كما أن الطرق الزراعية في غاية الأهمية لأنها الشرايين الاقتصادية لتنفيذ الخطة التنموية الزراعية في السودان، ويقول: رغم طبيعة السودان الغنية بالأرض الزراعية الخصبة تواجه المزارعين صعوبات كثيرة بسبب غياب الطرق الزراعية، فسوء الطرق يكِّلف أعباء وخسائر مالية، إضافية تتمثَّل في عدم توفير مدخلات الإنتاج والتمويل واليد العاملة في موسم الزراعة والحصاد، كما أن عدم وجود شبكة للطرق الزراعية يشكِّل تحدياً لاستغلال واستصلاح المزيد من الأراضي المؤهَّلة للزراعة.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة