سجلت تونس، ليبيا، الجزائر، المغرب، لبنان، سوريا، أرقاماً مخيفة في عدد المتدفقين عبر مياه المتوسط نحو الوجهة الأوروبية، وباتت تحصي حصيلة ثقيلة من ضحاياها من قوارب الموت منذ مطلع العام الجاري. فلا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن يغادر مركب يحمل حالمين بالهجرة في رحلات تنظّمها مافيات تهريب تنشط بكثافة في معظم المناطق العربية التي يعاني عدد من سكانها من البطالة والتهميش وتدني لقدرة الشرائية، حيث يضع الشباب للأسف مدخراتهم المالية والاستدانة من أقربائهم لكي يهاجروا بها بشكل غير شرعي عن طريق مراكب الموت ينتقلون إلى عالم أفضل للعيش بالهجرة، إلا أنهم ذهبوا إلى حتفهم بسبب وضعهم قوارب خالية من أي مقومات للسلامة، فضلاً عن تحميلها بما يفوق طاقتها الاستيعابيّة، ما يعكس جشع تجار الموت الذين ينظمون هذه الرحلات المشبوهة، حيث باتت ليبيا وتونس مركز جذب لآلاف الناس الراغبين في الهجرة من بلدانهم نحو أوروبا، فهل حان الوقت لاتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تفاقم حالات قتلى قوارب الموت.
الأحداث المرتبطة بالهجرة غير الشرعية كثيرة ومؤلمة، فحسب الإحصاءات الرسمية فإن بين كلّ عشرة مراكب ينجح مركب واحد بالوصول، أما المراكب الباقية فغالباً ما يكون مصيرها واحداً من اثنين: الوقوع بشباك خفر السواحل فيتم إجبارها على العودة، أو أن يبتلعها البحر، وفاجعة تونس أمس جاءت لتؤكد ضرورة وضع حد لمافيات التهريب وضرورة احتواء الشباب بتدابير اجتماعية للبقاء في أوطانهم، حيث اعتبر 76 شخصاً في عداد المفقودين إثر غرق مركب قبالة سواحل تونس الشرقية بعدما أبحر من مدينة زوارة الليبية وعلى متنه 100 مهاجر، وقبلها 3 أيام غرق مركب يقل مهاجرين غير قانونيين قبالة السواحل الشرقية التونسية، واستطاعت قوات خفر السواحل انتشار ثلاث جثث بينما ما زال عشرة في عداد المفقودين. وقبلها بأسبوع عاش الشارع الجزائري مأساة جديدة ضمن مسلسل الهجرة غير الشرعية، بعد غرق قارب كان يقل على متنه 9 شباب في العقد الثاني والثالث من أعمارهم، بعدما أبحروا سراً من أحد الشواطئ الجزائرية باتجاه السواحل الإسبانية، لينقلب بهم القارب في عرض البحر، وقبلها بأسبوعين غرق قارب في ساحل طرابلس في شمال لبنان، كان يقلّ أكثر من 84 شخصاً. وتم إنقاذ 45 شخصاً، بينما لا يزال الكثيرون في عداد المفقودين. ومن بين الركاب أطفال ونساء ورجال وكبار في السن.
أخذت ظاهرة الهجرة غير الشرعية منحى خطيراً، هؤلاء المهاجرون يعيشون أوضاعاً مأساوية دفعت بهم لتلك الهجرة ولمغادرة أوطانهم وركوب المخاطر، ومنها الأوضاع الاقتصادية باعتبارها من أهم الدوافع المسببة للهجرات، حيث تضاعف عدد ضحايا «قوارب الموت» خلال نصف سنة فقط، قياساً بالعام الماضي. لوحظ أن معدلات الهجرة تتصاعد، في ظل عدم الوقوف على الأسباب، ومحاربة الظاهرة بإجراءات صارمة وتدابير اجتماعية.