عبدالباسط شاطرابي
لسوء حظ الصحفيين .. أن وظائفهم التحريرية العادية ليست ضمن الوظائف الأولى المتوقع أن تحظى بالجاذبية في سوق العمل المستقبلي، والتقديرات تقول إن 70 مليون وظيفة من الوظائف الحالية في سوق العمل بكل المجالات سيجرفها سيل التقنية في المستقبل القريب.
خبر كئيب للصحفيين وغيرهم دون شك، لكن المفرح أن 130 مليون وظيفة جديدة ستحل محل الوظائف المحالة للمتاحف، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وأهل الصحافة من المخضرمين، عانوا من الانتقالات السريعة في مجال الانتاج الصحفي، وظلوا يلهثون لملاحقة التغيرات من صحافة الـ (لينو تايب) إلى “أراشيف” المايكروفيلم ثم إلى الصحافة الحاسوبية التي تتدفق بقدراتها اللا نهائية على العطاء، فانسحب الكثيرون، ليبقى في الساحة أخيرا من استطاعوا، بشق الأنفس، المواكبة في مضمار الماراثون الطويل.
وصحافة اليوم، التي ما زالت في الأطوار الأولى من التشكل، تواصل اندفاعها الآن في مسارات تجريبية نحو مستقبل غامض لا يعرف أحد منتهاه، لكن المؤشرات تقول إن الصحفيين بالمواصفات التقليدية لن يكون لهم جاذبيتهم السابقة في التوظيف .. على الأقل ضمن الوظائف التي يسيل لها لعاب السوق في الغد القريب.
مطورو البرامج الحاسوبية سيكونون، وفق التوقعات، هم أصحاب الحظ الأوفر في التوظيف، وقد بدأت تباشير ذلك بالفعل ، ومحللو البيانات يسيرون معهم في ذات الموكب، وخبراء أمن المعلومات والمتخصصون في الذكاء الاصطناعي سيحظون بقدر وافر أيضا من الكعكة، إضافة إلى مسوقي المحتوى عبر الإنترنت.
هكذا سترتبط غالبية وظائف المستقبل بشكل أو بآخر بالإنترنت وتفرعاته، سواء في مجال الخدمات أو الهندسة أو البحث العلمي أو الفضاء أو الطب أو التجارة وغير ذلك من التخصصات.
لذلك فالناجون من الإعصار القادم هم من يهيئون أنفسهم وأبناءهم من الآن لوظائف المستقبل القريب، وأجراس الإنذار تقول إن مناهج الدراسة هي الأكثر حاجة لانقلاب نوعي كبير وعاجل، بعيدا عن انقلاباتنا المعروفة !
أما الصحفيون الشباب فسيصمدون إذا اكتسبوا مهارات إضافية ومتنامية في التصميم الجرافيكي أو المونتاج وتحرير الفيديو وغيرها، إلى أن ترسو المركبة المندفعة إلى بر آمن يبعد عنهم أشباح القادم من مستجدات.
ترويحة:
“إذا لم تكن إلا الأسنةُ مركباً .. فما حيلةُ المضطر إلا ركوبها”
صحيفة التحرير