(1)
شلل تام يأخذ بتلابيب كل المحاكم في السودان منذ الأحد الماضي، بسبب الإضراب الشامل المفتوح الذي ينفذه حالياً العاملون والموظفون بالسلطة القضائية، وذلك لعدم تطبيق الهيكل الراتبي الجديد الذي وُعدوا بتطبيقه منذ عدة أشهر غير أن هذه الوعود كلها ذهبت أدراج الرياح ليدفع معهم المتزاحمون بالمناكب في سوح المحاكم ثمن هذا الإخفاق وهم يبحثون عن العدل والإنصاف.. إضراب العاملين بالسلطة القضائية في كل ولايات السودان لم يصب المحاكم وحدها بالشلل، لكنه أصاب العدالة في مقتل وتخطت أضراره إلى أبرياء ومظاليم ينتظرون العدل في ساحات المحاكم يترقبون ويتقلبون على جمر الانتظار ، ويتوقون إلى تطبيق العدالة كما يتوق ذوو السقام إلى الشفاء…
(2)
الإضراب حق مشروع كوسيلة أو أداة من أدوات الضغط لنيل الحقوق، فهذه أمور لا جدال فيها ولا مراء، لذلك يلجأ العاملون في كل مرافق الدولة في المستشفيات وحقل التعليم وخدمات المياه والكهرباء إلى هذا السلاح ولا أحد يلومهم طالما أنه مشروع ويقره الدستور… وحتى في إضرابات الحقل الصحي تجد المستشفيات الحكومية تفتح أبوابها للحالات الطارئة، وفي ذروة الإضراب تجد الخدمة أيضاً في المستشفيات الخاصة والعيادات، وهذا ما لم يكن ممكناً في حالة إضراب العاملين بالمحاكم، مما يعني أن هناك مخارج و(دريبات) يمكن (مجازفتها ) في حال الإضرابات بالمرافق الأخرى حتى وإن كانت مستشفيات ولكن في ساحات المحاكم الإضراب يعني بالضرورة تعطيل العدالة واستمرار الظلم والاحباط واليأس، فليس هناك محاكم خاصة مثل المدارس والمستشفيات الخاصة يمكن اللجوء إليها، لذلك فالأمر هنا مختلف تماماً…
(3)
إذا كانت المحاكم ساحة لأخذ الحقوق وتحقيق العدل بين المتخاصمين فالأولى أن تحقق ذلك أولاً لمنسوبيها وتنصفهم، وبالتأكيد فإن فاقد الشيء لا يعطيه، و(الزاد إن لم يكفِ أهل البيت فلن يجد سبيله إلى خارج الدار ) والأجدر ألا يعانون الظلم وإهدار الحقوق، فالعاملون والموظفون بالمحاكم هم الركيزة الأساسية في تسهيل عمل القضاء وتسريع التقاضي بين المتخاصمين، ولا شك أن إهدار حقوق العاملين بالسلطة القضائية سيجعل ساحات المحاكم ليست جديرة بصيانة حقوق الآخرين…
(4)
ثم يبقى القول إن هناك أبرياء يقبعون في الزنازين تهفو قلوبهم إلى إعلان البراءة وتتوق نفوسهم إلى إنهاء الجور، وهناك مظاليم كل آمالهم معلقة في ساحات المحاكم انتظاراً لتحقيق العدالة والإنصاف ، وهم يحسبون اليوم كالشهر وقد نفدت مواعين صبرهم بسبب بطء التقاضي فيأتي الإضراب المفتوح ليزيد (الطين بلة)، وهذا البطء في سير إجراءات المحاكم هو في حد ذاته ظلم وحيف… أنصفوا العاملين بالمحاكم واقضوا مطالبهم المشروعة فالرضا الوظيفي للعاملين في ساحة العدل هو الطريق لتحقيق العدل غير المنقوص في هذه الساحات التي جُعلت ملاذاً لرفع الظلم ونيل الحقوق وبسط العدالة…..اللهم هذا قسمي فيما املك.
(5)
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة