قالت مصادر عدلية، إن عدداً من وكلاء النيابة بمختلف الدرجات، أعربوا عن استيائهم من كشف التنقلات الأخير، وأشارت المصادر لـ(الحراك السياسي) إلى لجوء عدد منهم للدخول في إجازات سنوية، رفضاً للتنقلات. وعدت المصادر تلك التنقلات بأنها (تصفية حسابات شخصية)، قالت: شارك فيها النائب العام مع عدد من وكلاء النيابات، لتمكين عناصر المؤتمر الوطني ـ المحلول من جديد، وذكرت ذات المصادر أن التنقلات قصد بها تفريغ عدد من النيابات الهامة من وكلاء النيابة المباشرين للتحريات في بلاغات شهداء الثورة السودانية، وكشفت عن اعتزام عدد من وكلاء النيابة برفع طعون إدارية للمحكمة العليا الإدارية، باعتبار أن كشف التنقلات فيه إساءة لاستخدام السلطة ويدخلها تحت الرقابة القضائية، وأضافت المصادر: سلطة النائب العام الإدارية في التنقلات محكومة بموجب القانون واللوائح.
ويرى مراقبون أن عقب انقلاب 25 أكتوبر الذي قاده البرهان بدأ بإلغاء قرارات لجنة إزالة التمكين، وأصبحوا في إرجاع المفصولين، ومن الطبيعي أن يقوم الانقلاب بتمكين عناصر النظام البائد في النيابات لأن الانقلابيين هم أصلاً اللجنة الأمنية للنظام البائد فبالتالي هم من ضمن النظام البائد،والدليل على ذلك أن رئيس السلطة الانقلابية في خطابه في انقلاب 25 أكتوبر أعلن عن إجراءات بتعطيل عدد كبير من بنود الوثيقة الدستورية لإتاحة الفرص أمام عناصر النظام البائد بإعادة أمواله المنهوبة، وذلك بعد تجميد لجنة إزالة التمكين وإنشاء لجنة لمراجعة أعمالها وهي تضم مجموعة من عناصر النظام البائد عبر وكلاء النيابات .
وفي الأثناء قالت ممثلة أسر المفقودين الأستاذة سمية عثمان إن من الملاحظ أن وكلاء النيابة الذين تم نقلهم إلى نيابات أخرى، أياديهم ممسكة على الملفات الحساسة مثل ملف المفقودين والإرهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة وملفات الشهداء، والقضايا التي تمس الموجودين على رأس السلطة الآن، وأكدت في إفادة لـ(الحراك) أن الوقائع بملفات التحقيقات شبهة مثبتة وهنالك بلاغات ضد أشخاص بملف المفقودين مثبتة ولم يتم إجراء ضد مرتكبيها، مما يتسبب في استفزاز لمشاعر أسر المفقودين والشعب السوداني جميعه. وأشارت أن هذا الأمر يكون بمثابة حمايتهم من العقاب ضد الجرائم التي ارتكبوها، وأضافت إلى أن النائب العام الجديد يعمل لمصلحة الفلول وتوجيهاتهم ،وأبانت أن المسألة أصبحت واضحة وكل الذين مكنهم وقام بجلبهم للنيابة العامة هم من فلول النظام البائد، وجلهم قامت لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يوليو بفصلهم وتمت إعادتهم من قبل الانقلابيين بعد قرارات 25 أكتوبر، وأكدت أن وكلاء النيابة الذين تم نقلهم لديهم داخل ملفاتهم اتهامات قضائية خطيرة جداً وخاصة بملف المفقودين الذي كان على وشك الانتهاء، لولا أن تم إيقاف اللجنة الأولى واستبدالها بلجنة أخرى تحتوي بعض عضويتها على أشخاص لديهم تهم قضائية، وأكدت أن التمكين داخل النيابة العامة من أجل التستر على الجرائم التي قام بها الانقلابيون وأذيالهم وموالوهم .
ومن جانبه قال القانوني نصر الدين يوسف إن القرارات التي صدرت من النائب العام المتعلقة بكشف التنقلات الأخير طالت عدداً كبيراً من وكلاء النيابة الذين يديرون ملفات حساسة، وأكد في تصريح لـ(الحراك) أن وكلاء النيابة المستهدفين بكشوفات التنقلات الأخيرة يديرون ملفات دقيقة ومهمة وحساسة مثل ملف قضية الشهداء وملفات الفساد، وقضايا متعلقة بلجنة المفقودين التي من المعلوم أن لديها إجراءات هامة تتعلق باكتشاف مقابر جماعية تشير التحقيقات الأولية إلى أنها تحتوي على شهداء من مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، إضافة إلى انتهاكات إنسانية خطيرة. وقال إن القرارات لابد أن تقرأ من زاوية أنها تستهدف سير الإجراءات الخاصة بسير وتنفيذ وتطبيق العدالة ومحاربة الفساد وثورة ديسمبر المجيدة. وأشار إلى أن مايدور الآن حول كشف التنقلات يشير أيضاً إلى مخطط يهدف إلى إفلات المذنبين من العقاب، ومن الجرائم التي تم ارتكابها في سبيل التستر على المجرمين،وقال إن الأمر هو أمر خطير وغير متوقع من النائب العام إصدار كشف التنقلات هذا في هذا الوقت الحساس وليست هنالك ضرورة له. وأكد أن من الصلاحيات المخولة للنائب العام أن يصدر أمر التنقلات بين وكلاء النيابة في النيابات المختلفة،وتابع أن مايجري هو بمثابة هجمة شرسة على النيابة العامة من فلول النظام البائد من أجل التأثر على ملفات العدالة المهمة.
وفي الأثناء قال عضو الحرية والتغيير الأستاذ شهاب الدين إبراهيم إن القرار جاء لمساعدة السلطة الانقلابية في تضليل وتزيف الحقائق حول ملفات سير العدالة،وقال في إفادة لـ(الحراك) إن بعضاً من وكلاء النيابة الذين سيستلموا الملفات المخولة لهم سوف يتعاملون معها تعاملاً بطريقة ستكون خالية من المهنية، من أجل تمكين الانقلابيين خاصة في ملف المعتقلين السياسيين الذين يعتبر أغلبهم أعضاء بلجان المقاومة، وفتحت في مواجهة بعضهم بلاغات تحت المادة 30 مثل بلاغ (توباك). وأكد أن البلاغات ستتم متابعتها بصورة بعيدة عن المهمات القانونية،وقطع أن القرارات تصب في مصلحة خدمة الانقلابيين،وقال إن وكلاء النيابة ستكون من ضمن مهامهم طمس الأدلة التي لها علاقة بالانتهاكات التي تمت بمجزرة فض اعتصام القيادة العامة، والجرائم المتعلقة بالانتهاكات التي لها علاقة بالتجاوزات التي حدثت بعد انقلاب 25 أكتوبر وجرائم أخرى مابعد التوقيع على الوثيقة الدستورية .
ويتأسف القيادي بقوى الحرية والتغيير، أحمد حضرة، على توجيه أصابع الاتهام للمؤسسات العدلية بالبلاد النائب العام والأجهزة القضائية، ويقول: المؤسسات العدلية يفترض أن تكون الرقيب الحقيقي والضامن لتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع وليس الانحياز لأي جهة وخدمة مصالح خاصة لفئة دون الآخرين، واعتبر أن عودة بقايا النظام السابق بهذا الكم والسرعة ونقض جميع قرارات لجنة إزالة التمكين وإرجاع الأموال والممتلكات التي أثبتت لجنة إزالة التمكين أنها منهوبة من الدولة، هو مؤشر على أن ما قامت به النيابة هو انحياز وإعادة تمكين لبقايا النظام السابق للأسف الشديد، أن تصبح قمة أجهزة الدولة العدلية منحازة لتنفيذ أجندة الانقلابيين وبقايا النظام السابق.
تقرير ـ إيمان الحسين
صحيفة الحراك السياسي