ما بعد العلمانية في الدولة الديمقراطية
نورالدين مدني أبو الحسن
قد يرى البغض في تناول مثل هذه القضايا انصراف عن هموم الوطن والمواطنين رغم أنها من صميم تطلعات المواطنين المشروعة في قيام دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة.
أكتب اليوم عن كتاب “مابعد العلمانية” لمؤلفه مجدي عزالدين حسن الصادر عن دار المصورات للنشر والطباعة والتوزيع الذي تناول فيه مسألة إعادة التفكير نقدياً في مفهوم العلمانية.
لن أخوض معكم في الإفادات التاريخية والاجتهادات الفلسفية التي استغرصها المؤلف وهو يغوص في هذا الشأن السياسي الاجتماعي الذي خلص فيه إلى أن العلمانية هي نتاج خركة الإصلاح الديني في أوروبا..
لذلك اجتهد المؤلف في التوفيق بين الدين وروح العصر وأكد أن مفهوم العلمانية لاينفصل عن جملة قيم التنوير المعرفي العقلانية واللبرالية والمواطنة والعقد الاحتماعي والديمقراطية والحرية والتسامح والتقدم.
انتقد المؤلف وهو يستعرض جهود المسنيرين الذين مهدوا الطريق لمرحلة مابعد العلمانية بعض اطروحات الغلاة الذين يربطن بين العلمانية بين إبعاد الدين، لكنهم اكتشفوا استمرار وجود الدين مؤثراً وفاعلاًفي الحياة العامة وإن ظلوا يتمسكون بضرورة تمايز الطاقات العلمانية وانعتاقها عن المؤسسات الدينية.
أكد المؤلف أن المطلوب من الدولة الديمقراطية أن لا تتبنى أي وجهة نظر دينية أو غير دينية لأن النظام الديمقراطي يتيح للفريقين البقاء في رحابها و على المتدينين والعلمانيين اللقاء كأنداد في اسخدامهم العمومي للعقل.
إن وجود الدين في خياتنا العامة لايعني إزالة العلمانية رغم أن بغض مفاهيم الأصوليين والغلاة لاتنسجم ولا تتوالفق مع متطلبات قيام الدولة الديمقراطة لذلك لابد من ربط كل عمليات الإصلاح الديني بقواعد الديمراطية وأن أي إصلاح لابد أن يتم لي مساق ديمقراطي.
يخلص المؤلف إلى أنه من الخطأ الطرح الفلسقي لما بعد العلمانية بوصفه تجاوز للعلمانية إنما باعتباره مساراً نطويرياً جديداً لها وأن التعايش بين مكونات الأمم واشعوب لايتطلب تنازلات وكل ما هو مطلوب هو الاتفاق على مشتركات تجمعهم وتبقى أساساً للحوار السلمي والتنافس الحر في ظل الدولة المدنية الديمقراطية .
نورالدين مدني عباس
صحيفة التحرير