إطلعت على ما يمكن القول انه خطوة جادة في سبيل إنهاء حالة القطيعة والعزلة وعدم الثقة بين المكونات الثورية في مبادرة قدمها تجمع الأطباء السودانيين بأمريكا ( سابا ) للجان المقاومة.
المبادرة تم الإعلان عنها رسميا في بيان صحفي مشترك لتنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم، جاء في البيان: ( إنعقد مساء أمس السبت الموافق 14 مايو 2022م إجتماع لتنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، بدعوة وإستضافة من مبادرة سابا – تجمع الأطباء السودانيين بالولايات المتحدة الأمريكية، إمتداداً لسلسلة إجتماعات سابقة، وذلك لنقاش سُبل و إمكانية إنشاء المركز الميداني الموحد بين لجان المقاومة وكل القوى السياسية والتجمعات المهنية والمدنية المناهضة لإنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، وناقش الإجتماع أثر التنسيق الميداني المشترك على تنويع أدوات النضال وتسريع وتيرة الحراك الجماهيري وضمان تقليل تكاليف الإسقاط والأثر السلبي لغياب التنسيق المشترك على الحراك الجماهيري؛ وأثر العمل الميداني المشترك بلوغاً لأعلى درجات إحكام التنسيق بين الأطراف وتتويج ذلك بالوصول بالحراك الجماهيري بأدواته المتنوعة إلى الإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل.)
اللجان اتفقت مع مقدمي المبادرة على ( ضرورة إجراء نقاشات قاعدية للوصول لإجماع بين تنسيقيات المقاومة وخلق موقف داخلي كُلي موحد من محتوى الدعوة قاعدياً وبين التنسيقيات.)
واتفقوا جميعا على ( قيام ورشة عمل لمناقشة اراء التنسيقيات و اللوائح والضوابط، والأجسام التي يمكن أن تنضوي تحت المظلة التنسيقية للمركز الميداني الموحد.)
هذه المبادرة تمثل اختراقا حقيقيا لأصعب تحدي ظل يواجه الثورة بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر، وهو تحدي توحيد قوى الثورة ضد الانقلاب.
اللافت ان أطراف المبادرة يعبرون عن المؤسسات الجديدة التي افرزتها ثورة ديسمبر داخل وخارج السودان. كما يمثل الأسلوب العلمي الذي اتبعته المبادرة والرد عليها من قبل اللجان، عن وعي متقدم في هذه الكيانات، يبشر بأن المجتمع المدني السوداني موعود بمستقبل واعد.
هناك الكثير جدا من المبادرات التي سعت إلى وحدة قوى الثورة، بيد ان ما يميز هذه المبادرة ان اطرافها بعيدين (حتى الوقت الحالي على الاقل) عن الوجه السياسي السافر، مما يؤهلها للمصداقية والتجرد.
سواء نجحت او فشلت هذه المبادرة في مسعاها، يظل هدف وحدة قوى الثورة هو الهدف الأسمى في الوقت الراهن لدى كل ثائر وكل وطني يحلم بدولة مدنية ديمقراطية في السودان. والتقاصر عن تحقيقه هو قصور مخجل لكل شخص وكيان ثائر، ويصوره تماما قول المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام
صحيفة التحرير