إليكم ….. الطاهر ساتي
:: يناير العام 2007، رصدت سجالاً عنيفاً بين مدير شركة أرياب وعمدة أرياب، وكتبت عنه، وكان المدير قد خاطب العمدة قائلاً بالنص: (لينا 10 سنوات سنة بنكسر في الجبال دي، أنت ولدوك الليلة؟، ما بعرفك ولا بقعد معاك أمشي شوف ليك زول تانى يحل ليك مشكلتك).. ولم يكن العمدة قد ذهب إليه حاملاً (قرعته) ليعطيه زكاة أو مكرمة، بل قصده بعد شكوى شباب منطقته العاملين بالشركة، بحيث كان شباب المنطقة – العاملين بالشركة – يتقاضون نصف راتب الوافد إليها..!!
:: لقد ذهب ذاك المدير غير مأسوفٍ عليه، ولكن لم يغادر الظلم تلك الديار.. فاليوم – مايو 2022 – نقرأ من أخبار الشرق التي يرصدها صديقنا عبد القادر باكاش بنزاهة وبراعة، ما يلي: طالب أهالي أرياب بإقالة وزير المعادن ومدير عام شركة أرياب.. ليس هذا فحسب، بل طالبوا أيضاً بنقل رئاسة شركة أرياب من الخرطوم إلى البحر الأحمر، وتخصيص نسبة من عائد إنتاج أرياب لتنمية المنطقة، ومد المنطقة بمياه النيل وربطها بالطريق القومي بطرق معبدة..!!
:: مطالب أهل أرياب تذكرني بحكاية شاب من العالم الثالث – والأخير طبعاً – اُبتعث إلى إحدى دول الغرب للدراسة، وهناك سأله أستاذه عن آماله وأحلامه في الحياة، فأجاب: (بيت ووظيفة وزوجة و..)، فقاطعه الأستاذ موضحاً: (يا زول أقيف، سؤالي ليك عن آمالك وأحلامك، وليس عن حقوقك).. مطالب أهل أرياب مجرد حقوق متواضعة، ولكن بفشل الأنظمة وعجزها عن إدارة الموارد وتحقيق العدالة، تحولت الحقوق المتواضعة إلى أحلام وآمال غالية..!!
:: ولعلكم تذكرون، منتصف أبريل الماضي، أي قبل أن يطالب أهل أرياب الحكومة بمياه النيل بشهر تقريباً، كتبت مُعلقاً على حرائق الخطوط الناقلة للمياه بمنطقة الأربعات، وختمت الزاوية بالنص: (مع التحقيق في حرائق الأربعات، نأمل أن يطالب والي البحر الأحمر والناظر ترك الحكومة بتنفيذ مشروع مياه النيل، خصماً من عائد الموانئ وأرياب، فالشرق مثل إبل الرحيل.. شايلة السُقا وعطشانة)..!!
:: أرياب تنتج ذهباً وهي معزولة عن الطريق القومي وأهلها عطشى.. إنه الظلم في أقبح صوره.. وليس أرياب فقط، ولكن مشروع مد ولاية البحر الأحمر بمياه النيل – حتى ترتوي – ليس محض مشروع خدمي، بل هو مشروع خدمي و(استراتيجي).. لو كان حُكام اليوم والأمس يعرفون معنى الاستراتيجيات، فإن هذا المشروع كان يجب أن يكون موازياً – في أولويته – لكل المشاريع التي تربط أقاليم السودان ببعضها وتقوي الوحدة الوطنية، ولكنهم لا يعرفون..!!
صحيفة اليوم التالي