نحو أسبوع أمضاه وفد شعبي مصري في السودان بهدف إذابة الجليد بين القوى الشعبية والثورية السودانية والسلطات في مصر، ومحاولة إصلاح ما أفسده تعامل الأجهزة المصرية مع الملف السوداني، وسط تساؤلات متعلقة بمدى نجاح مهمة الوفد.
في هذا الإطار، قال مصدر دبلوماسي مصري في وزارة الخارجية، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنه على الرغم من أن المهمة الأساسية للوفد هي تلبية رغبة القوى السياسية ذات الثقل في الشارع السوداني والقوى الثورية هناك، الرافضة للتعاطي مع التحركات التي يقوم بها جهاز المخابرات العامة وتأكيدها أن العلاقة مع مصر يجب أن تكون على المستوى السياسي والشعبي، إلا أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية أصروا على فرض رؤيتهم في ما يتعلق بتركيبة ومهمة الوفد.
وترأس الوفد وزير الخارجية السابق محمد العرابي، وضم في عضويته جيهان زكي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، وهادية السعيد عضو لجنة الشباب والرياضة في المجلس، بالإضافة إلى الكاتب الصحافي رئيس تحرير صحيفة الأهرام ويكلي، عزت إبراهيم والدكتورة نيفين مسعد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والسفير محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية الأسبق.
وأوضح المصدر أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة رفضوا إشراك وزارة الخارجية في طرح رؤية متعلقة بتشكيل الوفد، واقتصر دور الوزارة فقط على الترتيبات الإدارية الخاصة بالزيارات واللقاءات.
حجم القوى السياسية في مصر
وتابع أنّ “القوى السياسية في السودان تعلم جيداً حجم القوى الشعبية والسياسية في مصر، ومدى تأثير كلّ منها، وتعلم الحقيقي من الرموز السياسية الشعبية المصرية، ومن هم المحسوبون على الأجهزة”.
“مجلس السيادة” في السودان يلتقي وفد المجتمع المدني المصري
وأوضح الدبلوماسي المصري أنّه “لم يحدث اختراق حقيقي يمكن أن تُبنى عليه أي مواقف مستقبلية بشأن الملف السوداني”. ولفت إلى أن المسؤولين في الخارجية المصرية “كانوا قد اقترحوا تطعيم الوفد ببعض الرموز السياسية والشعبية المصرية المعروفة بشيء من الاستقلالية لدى القوى السودانية”.
وأشار إلى أنّه “كانت هناك مقترحات بأسماء شخصيات مثل المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وبعض السياسيين مثل عمرو الشوبكي نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية” وهو ما رفضه المسؤولون عن الملف السوداني في جهاز المخابرات العامة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه رئيس الوفد المصري، خلال لقائه بعدد من الشخصيات السياسية في السودان أنه جاء في مهمة محبة وأخوة لشعب السودان.
الوفد يزور مقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
وزار الوفد مقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما التقى مجموعة من ممثلي “لجان المقاومة” في الخرطوم، ومنظمات أسر شهداء الثورة السودانية. كما اجتمع مع عضو مجلس السيادة رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، بحضور اثنين من أعضاء المجلس هما مالك عقار والطاهر حجر، وعدد آخر من أعضاء الجبهة الثورية. كذلك التقى الوفد برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وبحسب دبلوماسي مصري آخر، فإنّ الهدف من الزيارة هو تحييد موقف قوى المعارضة السودانية في ما يتعلق بتوحيد الجهود من أجل اتخاذ موقف موحد في مواجهة التحركات الإثيوبية بشأن سد النهضة، في وقت تتبنى فيه تلك القوى موقفاً مناوئاً للقاهرة، وأقرب إلى أديس أبابا.
وأكد الدبلوماسي المصري: “للأسف فإنّ الجهة التي شكلت الوفد يبدو أنّها لا تعلم جيداً مدى اطلاع السودانيين على المشهد المصري”، مضيفاً: “قوى المعارضة السودانية الفاعلة التي تتخذ موقفاً مناوئاً لمصر، بعضها وبعد ساعات قليلة من لقائه بالوفد وصفه بالحكومي، وليس بالشعبي”.
السودانيون يرغبون في نقل التعامل معهم من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي
وشدد المصدر الدبلوماسي، على أنّ “هناك خطوات بسيطة كان على صانع القرار في مصر إدراكها، لإعادة بناء الثقة من السودانيين”.
نقل التعامل من المستوى الأمني للسياسي
ولفت إلى أنّ السودانيين “يرغبون في نقل التعامل معهم من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي”. وأشار إلى أنّ “هناك شخصيات من الوفد، تدرك كافة المكونات السياسية في السودان مدى ارتباطها بالأجهزة الأمنية في مصر”.
في مقابل ذلك، قال مصدر دبلوماسي سوداني في القاهرة، إنّ ترتيب زيارة الوفد جاءت بعدما طلب المسؤولون في جهاز المخابرات العامة السماح لهم بهذا التحرك في محاولة لاختراق موقف القوى الثورية، الرافض لأية وساطة مصرية في حلّ الأزمة، وكذلك موقف بعض قوى المعارضة المتمسك بالتحرك في ملف أزمة سد النهضة من منظور سوداني خالص، من دون التقيد بالموقف المصري.
العربية نت