استأذنت صديق عمري نور الدين في نشر الرسالة أدناه والتي كانت جزءً من سجال بيننا، فأذِنَ لي مشكوراً:
أخي الحبيب صديق العمر نور الدين أو (نور العين كما تناديك الوالدة الحبيبة). عاطر تحياتي
أولاً طمئني على صحة الوالدة. أسأل الله لها شفاءً عاجلاً لا يغادر سقماً.
وبعد: وصلاً لمساجلاتنا أرجو أن يتسع صدرك وعقلك لمحتوى رسالتي هذه.
واسمح لي بدايةً أن أذكّرك أنك لم تكن تهتم على الإطلاق بالسياسة، ولكنك تحولت فجأةً إلى ناشطٍ متطرف منذ أيام (الثورة) الأولى، وأصبحت تردد بصورة ببغاوية كل ما ينشره أعداء الكيزان. وأثار عجبي أنك كنت تنشر واسعاً فيديو المسمى عصمت الذي يدعي فيه أن الكيزان هرّبوا 64 مليار دولار لماليزيا!!!
عجبت لأنك قضيت شطراً من عمرك بأميركا ويفترض أنك تعلم استحالة ذلك في ظل النظام المصرفي العالمي الحالي، والذي يراقب – عبر مقاصّة الدولار في نيويورك – حركة كل دولار في العالم. وأيام كانوا يروجون في الميديا عن مليارات الدولارات والجنيهات زعموا أنهم وجدوها لدى قيادات الكيزان، ما شعرت بإنّو There is something Fishy. فإذا عذرنا العامة والأغرار من الشباب في مثل هذا فكيف أعذر من هو مثلك؟؟؟
ثم إنك ظللت تكرر بمناسبة وبغيرها عبارة “كيزان حرامية”، وانت تعلم الحكمة التي تقول “Every generalization is Wrong , including this one” هل نسيت أن زوجتك بنت كوز؟ هل نسيت أنك زوَّجت أخواتك الاثنتين لكيزان. وبهذه المناسبة اسمح لي أن أُسرَّ لك أن أحمد زوج علوية أختك متألم من تعميماتك هذه واتهامك للكيزان جملةً بالحرامية، وكتب لي في رسالة أبيات شعر تنبئ عن ألمه، ووجدت أنها مُنذرة بتطور سالب في علاقتك به. تقول الأبيات:
لا يوجع السوط من بالسَّوطِ قد جَلدا
بل يوجع السوط من بالسوط قد جُلدا
وما المصيبة الا خيبة بأخ
ظننته لك في دفع الأذى سندا
حتى إذا نال من دنياه مأربه
وجدته ينكر الفضل الذي وجدا
لكنّ من يزرع الأرض البوار فما
يوماً سيحصد غير البؤس إن حصدا.
فانتبه يا صديقي.
وكأنك نسيت أنك زوَّجت بنتك الكبيرة لكوز!!! يا زول انت مخك مشى وين؟؟
وأحمد هذا الذي زوَّجته بنتك أنت دائم الإشادة به وبخلقه وتدينه ونزاهته وهو قيادي بين الكيزان الشباب، وكذلك تقول عن نسيبك. وظللت محاطاً بكل هؤلاء الكيزان وعلاقتك بهم في القمة، فما الذي جرى بين عشيةٍ وضحاها!!! أربأ بك وانت في هذا العمر أن تصير ببغاء ينعق بلا عقل بكل ما يسمع. طيب ديل حتطبق عليهم شعار القحاتة: “كل كوز ندوسو دوس”؟؟
رأيتك يا صديقي كلما قرأت لي مقالاً تكتب لي “ده كلام كيزان” يا حبيب انت ما مرّ عليك كلام سيدنا علي: “لا يُعرف الحق بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق” ودي – في تقديري – أول مناداة بالموضوعية Objectivity في تاريخ البشرية أعرفها. ولعلك لاحظت أن نقيض الموضوعية هو نهج الشيوعيين والقحاتة عموماً، فهم لا يناقشون ما يكتب ضدهم موضوعياً، بل يهاجمون الكاتب ويسبونه بكل قلة أدب ويشيطنونه، وأول ما يصفونه به أنه كوز للفت الانتباه بعيداً عن حُججه ومنطقه وحقائقه.
صحيح أنهم نجحوا في تشويه صورة الكيزان وشيطنتهم خاصة بين الشباب الصغار. فهل ستساوي عقلك بعقل هؤلاء الصغار. وأنت تعلم أن شيطنة الكيزان مشروع غربي، ومشروع إماراتي سعودي. صرفوا على هذا المشروع مئات الملايين لشركة كمبريدج أناليتكا، كما وثقت أنا في مقالات سابقة، وصرفوها على منظمات وناشطين يساريين وسياسيين بعضهم كبار. باختصار عداوة الكيزان ليست مشروعاً سودانياً وطنياً موضوعياً.
ثم أنك تعلم أنني كتبت أكثر من مرّة مقالة رئيس الصين دينق شياو بنق:
It doesn’t matter if a cat is black or white, so long as it catches mice
” لا يهمني فيما إذا كان لون القط أبيضَ أو أسودَ ، ما دام سيقتنص الفئران”
أنا أريد حاكماً يوفر للسودان عيشاً طيباً وأمناً ويحافظ لي على دينه وثقافته. وأنت تعلم أن الحاكمين منذ الثورة فشلوا في كل ذلك. لا بل ثبت أنهم لصوص شاشات وسبائك ذهب وسيارات ومليارات،وملايين دولارات للكرونا ، بشهادة اللجنة التي تراجع عملهم. ومن ناحية أخرى برّأت المحاكم كلٍ الكيزان الذين وقفوا أمامها. ولا يهمني إن حكم الكيزان اليوم أو لم يحكموا.
بعد كل هذه التجارب وكل هذا العمر هل تريدني أن ألغي عقلي وأردد ما يقوله هؤلاء لأنهم يخيفون الناس بالميديا سبّاً وتجريحاً وشيطنة؟؟ دي أنا ما بسوويها، والرهيفة التنقد.
أذكّرك أننا ترافقنا مرتين لحضور مؤتمر ال ISNA، والتقينا مرةً بأمين حسن عمر، وفي المرة الثانية ببروفسر عز الدين محمد عثمان وزوجته ومعهم دكتور قطبي المهدي. هل تذكر إعجابك الذي رددته أمامي بعمقهم الثقافي وتهذيبهم؟؟ مرة أخري أقول لك: أنا لا أسمح لكائنٍ من كان أن يحدد رأيي في آخرين لأن توجهه الأيديولوجي ملأه بالحقد والكراهية لمن يخالفونه سياسياً. رجالة ساي ما بسويها.
سؤال: هل وجدت كوز عميل، يقتات من مال السفارات ومال المنظمات الغربية؟؟؟؟
أمّا تقديري لما يكتبه الأستاذ حسن إسماعيل فينبع من أنني وجدته مثقفاً موضوعياً، ووجدته فارساً شجاعاً لا يتوارى عن مواقفه مع الإنقاذ التي أوصلتها له قناعاته. لم أجده مثل خالد المبارك وإبراهيم الشيخ وعبد الله علي إبراهيم، استفادوا من الإنقاذ أكثر من الكيزان وكانوا يتملقونهم. فلما قلب الدهر لهم ظهر المِجَن انقلبوا عليهم. مواقفهم هذه لا يرضاها الخلق ولا الرجولة. ولا يفعلها أطهار ولاد قبايل.
أخي الحبيب، والله إنني أكتب لك هذا لأنني أحبك، ولا أرضى لك أن تكون ضحية لدعاية ناس ما بخافو الله ولا بخافو على السودان، ولم يثبتوا خبرة ومعرفة بفنون الحكم، وواقعنا الماثل المؤلم خير شاهد ودليل.
ومرة أخرى لا يهمني إن حكم الكيزان اليوم أو لم يحكموا، لكنها الموضوعية. وقناعتي أن القحاتة بما سَنّوا من قوانين كانوا يستهدفون الدين نفسه . وما استهدافهم للكيزان إلّا لرمزيتهم وكونهم مُأثرين وفاعلين في أمر الدين . شرعوا محرمات دين الرحمن ، وباستغفال يهتفون ” الدين ما دين كيزان الدين دين الرحمن ” !!!!!!!!
خالص مودتي وتقديري يا “نور العين”.
ياسر أخوك.
♦️دكتور ياسر أبّشر
——————————
14 مايو 2022#السودان #ST