(١)
من يتابع أخبار الجريمة في ولاية الخرطوم وغيرها من الولايات يدرك بوضوح تام أن غالبية هذه الجرائم تتم بواسطة عناصر ترتدي زي القوات النظامية، والسلاح المستخدم في ارتكاب هذه الجرائم هو سلاح الدولة، أي سلاح لا ينبغي إلا أن يكون بأيدي القوات النظامية… والملاحظ أيضاً أن هذا النوع من الجرائم زادت معدلاته في العامين الماضيين في ظل وجود أكثر من (8) جيوش في الدولة مع تدفق السلاح من ليبيا وتشاد وغيرهما… هذا فضلاً عن التاكتيك المستخدم في تنفيذ هذه الجرائم والتخطيط لها، وعنصر المباغتة فيها… هذه كلها مؤشرات وقرائن أحوال تدل على أن ثمة أمر خطير يجب التنبه له وحسمه فوراً ودون أي إبطاء لأن أمن البلاد وحماية مواطنيها لا يجب التهاون والتساهل معه…
(2)
بعد اتفاق جوبا انتشرت ظاهرة أخرى مزعجة للغاية وهي ظاهرة بيع الرتب العسكرية، وحركة التجنيد خارج الأطر القانونية وبعيداً عن المؤسسة العسكرية، وهو أمر فعلته عدد من الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاقية جوبا، وهو ما كشفته تقارير الأمم المتحدة وأقرت به بعض الحركات وحذرت منه الحكومة، وهذه كلها أمور تنطوي على نوايا ليست جيدة، فكل ما من شأنه أن يقلق النفس ويقض المضاجع ويشكل هاجساً أمنياً وينقص الطمأنينة يجب أن يوصد بابه تماماً لأن القضية قضية أمن وطني لا تحتمل المجاملة والسكوت والترضيات السياسية و”الطبطبة” والتسويات والاتفاقات تحت التربيزة هذا مقابل ذاك… قضية الأمن الوطني قضية مقدسة ومقدمة على كل القضايا الأخرى، وهي قضية دولة والدولة فوق الجميع، فوق الرؤساء والرتب العسكرية العليا وفوق الأحزاب والجماعات والطوائف، وفوق المحاصصات والموازنات الجهوية والقبلية.
(3)
في تقديري الدعوة لانتظام قوات الحركات المسلحة في معسكرات وبقائها خارج العاصمة أمر منطقي ومقبول بل مطلوب بشدة لإبعاد كل الشبهات ولتسهيل تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وأي “لجلجة” أو محاولة لرفض هذا الإجراء ينطوي على مكر وفيه استهانة بأمن المواطن وعبث بهيبة الدولة، فأمن المواطن خط أحمر، وماذا تبقى لهذا الشعب غير الأمن المنقوص هذا، فإذا سلبوه منه مثل معاشه ودوائه وكرامته فما الذي تبقى…
(4)
على القوات المسلحة والشرطة أن تتخذ من التدابير والتحوطات والإجراءات ما يجعل الزي العسكري والسلاح حكراً على منسوبي تلكم المؤسستين وروافدهما فقط، والعمل على تجفيف مصادر تدفق السلاح والزي العسكريين بإجراءات حاسمة لا تقبل المجاملة والمداهنة، لأن القضية قضية أمن ووطن … اللهم هذا قسمي فيما أملك.. نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة