تداول عدد من النشطاء صورة لثائر شاب يبدو أنه في العقد الثاني من عمره، ذو ملامح جادة وكبرياء لا تخطئه العين، الذين نشروا الصورة أرادوا السخرية منها، بيد انهم هم من سخروا من أنفسهم.
هذا الشاب صغير السن كبير العقل، اكثر قدرة من هؤلاء النشطاء على قراءة المستقبل الصحيح لهذه البلاد، فهذه البلاد مستقبلها في الحكم المدني الديمقراطي.
مستقبلها ليس في إعادة حكم الجيش ولا حكم الاحزاب الانقلابية يمينا ويسارا، مستقبلها في سيادة حكم القانون والمساواة بين المواطنين وفتح الأبواب واسعة للتنافس الشريف بينهم في كل المجالات السياسية والتجارية والعلمية والخ.
هذا الشاب علم ان انحناءه لانقلاب البرهان وحميدتي يعني انحناءه إلى الابد، فالذين يصعدون على ظهرك لا ينزلون، والذين يتذوقون حلاوة السلطة وصمت الشعب أمام سياطهم وبطشهم لا يترجلون ولا يغادرون السلطة (بأخوي واخوك).
هذا الشاب علم ان الفرصة الراهنة التي يوجد فيها معه ملايين الشباب صغار السن في الشوارع يحملون نفس الهم والاحلام، هي فرصة لن تتكرر من جديد، هذه الفرصة التي سقتها دماء طاهرة من زملاءهم الشباب اذا غادرت فلن تعود مجددا.
شباب جنوب أفريقيا الذين واجهوا نظام الفصل العنصري كانوا يردون على سخرية سجانيهم من البيض بسؤال يقول: ماهو ثمن الحرية؟ فيسكت البيض متعجبين، فيرد شباب جنوب افريقيا: كل شيء everything، هذا السؤال تحول مع الايام إلى مدرسة لوحدها علمت البيض ان النضال من أجل الحرية الذي يدفع فيه هؤلاء الشباب كل شيء بما فيه حياتهم هو نضال عادل وليس نضالا كاذبا، وأن العدل دوما ينتصر في النهاية.
الشباب الراهن في السودان يرد على تهكم هؤلاء النشطاء بسؤال واحد: هل تعلمون ماهو ثمن الدولة المدنية؟ فيصمت النشطاء لينطق هؤلاء الشباب الابطال: كل شيء everything، فهل وعي النشطاء الدرس؟
شباب الجيل الجديد في السودان يعيشيون الان حياتهم لسبب، لهدف، لا يعيشون فارغين ولا مجردين من الغاية في الحياة، وكأن فريدريك نيتشه قصدهم حين قال: ( من يعرف السبب الذي يعيش من أجله ،يستطيع تحمل العيش بأي طريقة ).
صحيفة التحرير