محجوب مدني محجوب يكتب: حول تجربة (الاسلاميين) في الحكم

محجوب مدني محجوب
إذا تسرب الماء وذهب من بين الوعاء، فلا أحد يقول بتغيير الماء أو بتحويل طبيعته من سائل إلى صلب.
إن الكل سيتوجه إلى القول بتغيير الوعاء إذا أردنا أن نحتفظ بالماء.
كذلك كلما جاء الحديث عن فشل تجربة حكم الإسلاميين في السودان، فإن الأمر الغريب هو ذاك الذي يوجه نظره مباشرة إلى تعاليم الإسلام، بحيث يعتبر بأن كل من يوسمهم بالتقصير فكأنما وسم الدين بالتقصير.
فما الذي جعل الإسلاميين في السودان والدين أمرا واحدا؟
هل هؤلاء الإسلاميين هم الذين هاجروا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
أم هم الذين خاضوا معركة (بدر)؟
أم هم الذين نشروا الإسلام في العالم؟
وإن كان كل هذا لم يكن، فمن أين جاء الفهم بأن الهجوم على الإسلاميين يعني الهجوم على الإسلام؟
سبحان الله!!
ألم يسمعوا هؤلاء بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر وما أدراك عمر؟
عمر الذي إذا سلك فجا سلك الشيطان فجا غيره.
عمر وهو الخليفة الراشد قال لحذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنا من المنافقين ياحذيفة؟
والأعجب من السؤال إجابة حذيفة الذي لم يستنكر السؤال فرد عليه: لست منهم ياعمر.
فإن كان عمر يخشى على نفسه من النفاق، فما بال هؤلاء يدعون أنهم هم والدين سواء؟
فكل ما تمت مهاجمتهم وتقصيرهم وعدم تطبيقهم للإسلام قالوا إن هذا الهجوم هجوم للدين.
من أين جاؤوا بهذا التوحيد بين ممارستهم وبين الدين؟
لا أحد يعلم.
ثم مباشرة ذكروا لك من يعادي الدين.
ما علاقة عدم تطبيقهم للدين بسفاهة القراي؟
ما علاقة فتنتهم بالسلطة بعجز قحت وجلبها للرجرجة والدهماء؟
كل من ينادي بتعاليم الدين ويظهر في سلوكه عكسها ينبغي أن يبعد ويستبدل ويسعى لأن يؤتى بغيره.
دعك من الدين فإن في الأمور الحياتية يحدث هذا الأمر إذ أن ما من أحد يقصر في أداء مهمته ووظيفته الموكلة إليه إلا ويبعد ويستبدل بمن هو أجدر وأكفأ وأخلص منه.
إن الهجوم الذي يوجه على الإسلاميين في كونهم أساؤوا للدين لا يعني ذلك بالضرورة هجوما للدين كما لا يعني كذلك احتفاء بالزنادقة والملاحدة.
فكل الأمر يتعلق بهم فإن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم وإن أساؤوا أساؤوا لأنفسهم.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version