سليمان الماحي يكتب .. الهروب من الوطن

في الوقت الراهن ترسم الهجرة خارج السودان عنوانا لظاهرة سيئة يتكالب الناس عليها جماعات ووحدانا عدا من يمنعهم تقدم العمر أو تقعدهم الأمراض أوتشغلهم مصاعب الحياة ولأجل ذلك يزحف إلى إدارات الجوازات الرجال والنساء مشيا و ركضا وهرولة وأحيانا يكون (الأعمى شايل المكسر ) من أجل إنجاز جواز السفر والتأشيرة كإجراء ضروري يمكنهم الهروب من الوطن أو لنقل (دلعا ) المغادرة عبر ما يتيسر من الوسائل جوا وبحرا وبرا .

الخبر السيء في رأينا هو أن تلك الهجرة أيا كانت وجهتها تنطوي على نتائج سلبية مفادها إفراغ السودان من أبنائه لاسيما أصحاب الكفاءات والخبرات وتبلغ تلك النتائج السلبية ذروتها عندما يتبنى الهاربون من الوطن تطبيق مبدأ (سفرة وزوغة ) أي لا عودة الى السودان مرة أخرى وفي الغالب الأعم ترتكز حجة هؤلاء على أن السودان الذي يتمتع بالمياه العذبة والأراضي الخصبة لم يعد بالنسبة لهم بلدا جاذبا بسبب تفاقم المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية وهلم جرا لذا فإن مجرد التفكير في العودة إلى الوطن تعد مسألة تثير الكثير من الاستغراب والحيرة ..

غير أن ما يلفت النظر في ذلك الواقع المتمثل في الهروب من الوطن تلك التجربة الانسانية التي أقدم عليها الدكتور عبدالمتعال محمد أحمد البخيت

وهي العودة من بريطانيا تلك الدولة التي مجرد الوصول إليها يعد إنجازا مهما بل حلما تاركا وراءه نهر التايمز و لندن العاصمة البريطانية وأكبر المدن الأوروبية ليجد نفسه في الخرطوم المتربة . ماذا تقولون ؟.

نشرح اكثر ونقول أن ذلك الدكتور عبد المتعال الذي لا يخفى عليه شيء ما في البطون عاد الى الوطن برغبة شخصية هدفها نقل خبراته التي حصل عليها في مجال الطب البشرى علها تكون شفاء وعافية لأبناء وطنه وبخاصة أولئك الذين يبحثون عن حلول متاعبهم الصحية انطلاقا من قناعة مفادها (لا خير في من لا خير فيه لأهله ) وأما الخير الذي عنده فيتمثل في افتتاح عيادة المناظير في شارع المستشفى .

ويفيد التذكير بأن الدكتور عبد المتعال الذي درس طب جامعة الخرطوم ثم بعد سنوات غياب عاد طوعا إلى الوطن متأبطا كنزا من العلم النافع وحط به في جامعة الرباط التابعة لشرطة السودان حيث أسهم مع نخبة من زملائه في تحقيق إنجازات علمية أكاديمية جعلت من تلك الجامعة مفخرة للوطن ونبراسا علميا يقصدها الطلاب من كل فج بعيد وقريب .

صحيح أن عودة الدكتور عبدالمتعال الحاصل على الجواز البريطاني هي رسالة قوية مفادها أن وجوده في السودان يجعله أكثر قربا من أبناء وطنه الذين يئنون تحت مصاعب الأمراض وما أكثرها من الأمراض التي باتت مستوطنة وتنهش في الأجسام والتفاؤل يحدونا بأن تكون عودته ضوءا في آخر النفق يبشر بعودة الأطباء الذين يقيمون الخارج وأيضا الكفاءات في جميع المجالات لانقاذ الوطن من أولئك الذين ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

صحيفة البيان

Exit mobile version