وإجابة السؤال (٥) لدي د. ناجي هي في ظل الواقع والإجابات السابقة ماهو الحل والمخرج للراهن السياسي للحزب السياسي أمام الدين ومطلوباته.
والجواب هو أن ينهض المجتمع، عبر تفعيل دور الدعوة والإصلاح، والجماعات الدعوية، وليس من خلال إقحام الأحزاب السياسية في الدعوة تحت حجة العمل الإسلامي والحزب الإسلامي، فإن منهج الأنبياء بدأ بإصلاح المجتمع وبنائه قبل بناء الدولة والحكم والنظام السياسي، فإذا قامت الأمة الراشدة قامت الدولة الراشدة، ولا سبيل لتحقيق ذلك على خلاف منهج الأنبياء، وستكون النتيجة هي فساد الأحزاب الإسلامية لأنها في خلاصاتها تتكون من أفراد تخرجوا من مؤسسات تلك الأمة التي تحتاج للإصلاح وتعاني من الفساد، وسينتقل الفساد ولوثات المجتمع الأخرى لداخل الأحزاب السياسية الإسلامية فتعجز عن تقديم النموذج الراشد في نفسها أولاً، ثم إن هي اعتلت الحكم على تلك الحال لم تنجُ من لوثات فساد المجتمع وحينها ستكون وبالاً على الإسلام وأهله وفتنة للعالمين في سوء الإدارة والفساد المالي والإداري الذي لم تتدرب عليه في مؤسسات الأمة الصالحة، ولن تستطيع التفوق كثيراَ على منافسيها (غير الإسلاميين) بسبب فساد المجتمع عموماً بما يجعلها ويجعل التيار الإسلامي معها مثاراً للسخرية. والمخرج في نظري هو أن تتجه القوى الحية والأحزاب الدينية والحركات الإسلامية والطائفية نحو الدعوة فتتحول لجماعات دعوية وإصلاحية تقوم بواجب بناء المجتمع على قيم الدين بالحكمة والإصلاح النبوي حتى يصطلح المجتمع ويكون التيار الإسلامي هو المجتمع والأمّة كلها فتصلح الأحزاب وتصلح السياسة، وإلى ذلك الحين وعلى طول طريق العمل الدعوي ذاك تبقى الأحزاب السياسية يتدافع داخلها الصالحون نحو وضع نظام إداري للدولة ينجو بها نحو الاستقرار الاقتصادي والأمني وبسط الحريات وتجويد التعليم والمهن بما يمهد الطريق للدعاة المصلحين على الضفة الأخرى والذين يقومون بواجب الدعوة والإصلاح داخل المجتمع حتى ينهض المجتمع كله قائماً بواجبات الخلافة.
وإلى حين تحقق هذا المستوى لا يجوز حمل الأمة على شيئ من تكاليف الدين قهراً بقوة الحكم أو السلاح أو بسبب الفوز في الانتخابات، فإن الحاكم ينوب عن إرادة الأمة ولا يكون لاغياً لها، وكما تكونوا يولّى عليكم، حتى تكون الأمة صالحة والقيادة صالحة والمؤسسات صالحة. فهذا هو السبيل الذي لا مناص عنه وهو السبيل الذي ارتضاه الله للأنبياء جميعاً، أقاموا الأمة ثم بنو الدولة، وإلى حين تحقق ذلك استعملوا فقه المرحلة والحكمة لتحقيق أعظم المصلحتين ودفع أكبر المفسدتين.
والله أعلم.
وأجابة الدكتور ناجي خاطئة لأنها تخلط في معنى الدعوة ومعنى السياسة ومعنى الإصلاح ثم أنه تحجز له مقعدا وثيرا بين طائفة المرجئة الذين يريدون إرجاء كل عمل إلى ميقات غير معلوم. فهو يريد أخراج الكيانات السياسية من الدعوة للأصلاح وجعل ذلك مهمة لما يسمية الجماعات الدعوية. فهل سوف تتحدث هذه الجماعات الدعوية و الإصلاحية في أمور السياسة أم تسكت عنها. إذا رأت حكومة تلغي النظام المصرفي اللا ربوي وتعيد الربا أتسكت أم تتحدث وإا رأت حكومة تجيز أتفاقية تبيح الفوضى الجنسية والمثلية أتسكت أم تتكلم وأذا رات حكومة تصدر كتبا مدرسية تنشر الوثنية وتصور الله رب العالمين(سبحانه وتعالى) في صورة بشر أتسكت أم تتكلم وإذا رأت حكومة تصدر قوانين تجعل الأغنياء يضمون نعجة الفقراء الواحدة لنعاجهم الكثيرة هل يتحدثون في السياسة أم يصمتون ولو رأوا حكومة توالي من يغتصب بلاد المسلمين ويخرجه من ديارهم أتسكت أم تتحدث. فإذا تحدثت الجماعات الدعوية في أمور سياسية هل يجعلها هذا مخالفة لنظرية الدكتور وإذا كان مسموحا لها ذلك فما هو المختلف في شأنها عن شأن الأحزاب السياسية. وسؤال آخر هل الدعوة منحصرة في الكلام أم أن الدعوة تكون بالقدوة الصالحة والعمل الصالح أكثر ما تكون بالوعظ والكلام فأن كان ذلك صحيحا فهل هذه الجماعات الدعوية معصومة فلا تعمل إلا بالحق فهي ليست معرضة للفساد وكأنها لم تخرج من ذات المجتمع قبل إصلاح فتكون فاسدة لأنها خرجت من مجتمع يحتاج إلى الأصلاح. ما الذي يعصم جماعات الوعظ من فساد يهدد جماعات السياسة إن كان الأمر يتصل بخروجها من مجتمع لم يتم أصلاحه بعد ؟؟وكأنما الأحزاب السياسية وحدها هي المعرضة للفساد. وإذا كانت الأحزاب السياسية لا صلة لها بالدعوة الدينية لا تتذكرها ولا تذكر بها سواها فهل هذا سيجعلها أقرب للفساد أم أقرب للصلاح ؟ وأما أن فهم الدكتور للسياسة مختلط فيدل عليه أن السياسة عنده أداء وظيفي وليس مهمة أصلاح. فالسياسة كما لا يختلف عليها علماء المسلمين هي الأستصلاح أي طلب الصلاح في كل شأن للأمة وهي درء المفاسد وجلب المصالح. و ناجي يريد للأحزاب أن تعمل مثلما تعمل الأدارة المدنية تنشغل بتأدية وظيفة ويتناسى أن لهذه لوظيفة جهة يجب أن تحدد هدفها ومقاصدها وتضع التدابير والسياسات التي يصلح به العمل وهذه الجهة هي الحكومة التي تنشئها الأحزاب وتختلف وتتنافس عن ما يصلحها من سياسات وقرارات. وأما قول ناجي أن الحكومة لا يجب أن تكره الناس على شيء فصحيح على العموم ولكن واجب الحكومة هو حمل الناس على إطاعة القانون الذي أرتضوه طوعا فإن كانوا هم أمة مسلمة إختارت التحاكم لشريعة الله فواجب الحكومة رد الناس لحكم الشريعة الذي إرتضوه أول مرة. فإذا كان حكم الشريعة منع التبرج الفاضح وقلة الحياء في المجال العام فهي تحكم بذلك وتمليه وإذا كان حكم الشريعة منع الربا في تعامل الأفراد والمصارف فهي. ستفرض ذلك و تمليه ولا ريب في ذلك .
وأما دعوة الدكتور لاتباع دعوة الأنبياء الذين أقاموا الأمة أولا ثم أقاموا الدولة فهو فهم خاطيء لدعوة الأنبياء الذين أقاموا جماعة الدعوة أولا و أقاموا الدولةثم عملوا على توحيد المؤمنين في أمة واحدة صالحة
فآنت لا تتحدث عن أمة إلا حديثا مجازيا مالم تكن هنالك دولة. فالدولة هي الأمة والأرض والنظام
وأما ما يريده الدكتور مما يقول فهو أن يفصل فصلا صارما بين السياسة والدعوة فتكون السياسة عملا مهنيا تمليه قواعد علمية ليس عليها خلاف. وهو وهم لا يزال علمانيون يسوقونه لنا بالقول بإن هنالك قواعد علمية تحكم الأداء السياسي بعيدا عن المذاهب الفكرية والتحيزات الطبقية والقبلية ولكن تلكم بضاعة بائرة لن نشتريها وسنظل ندعو للإسلام في السياسة والاقتصاد و لأدارة كما ندعو له في الصلاة والزكاة والصيام فدين الله وآحده ومراده هو تحسين حياة الناس التي يزعم أهل السياسة الليبرالية أنهم إليها تسير ركاب خيلهم و رجلهم في كل حين.
أمين حسن عمر